كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَعشْرين يَوْمًا وَرُبمَا كَانَت أشهرا مُتَوَالِيَة تَامَّة أَكْثَرهَا أَرْبَعَة وَهَذَا نَادِر وَرُبمَا كَانَت أشهرا مُتَوَالِيَة نَاقِصَة أَكْثَرهَا ثَلَاثَة وَكَانَ يَقع حج الْعَرَب فِي أزمنة السّنة كلهَا وَهُوَ أبدا عَاشر ذِي الْحجَّة من عهد إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام
فَإِذا انْقَضى موسم الْحَج تَفَرَّقت العر. ب طالبة أماكنها وَأقَام أهل مَكَّة بهَا فَلم يزَالُوا على ذَلِك دهرا طَويلا إِلَى أَن غيروا دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل فأحبوا أَن يتوسعوا فِي معيشتهم ويجعلوا حجهم فِي وَقت إِدْرَاك شغلهمْ من الْأدم والجلود وَالثِّمَار وَنَحْوهَا وَأَن يثبت ذَلِك على حَالَة وَاحِدَة فِي أطيب الْأَزْمِنَة وأخصبها فتعلموا كبس الشُّهُور من الْيَهُود الَّذين نزلُوا يثرب من عهد شمويل نَبِي بني إِسْرَائِيل وَعَلمُوا النسئ قبل الْهِجْرَة بِنَحْوِ مِائَتي سنة وَكَانَ الَّذِي يَلِي النسئ يُقَال لَهُ القلمس يَعْنِي الشريف
وَقد اخْتلف فِي أول من أنسأ الشُّهُور مِنْهُم فَقيل القلمس هُوَ عدي بن زيد وَقيل القلمس هُوَ سَرِير بن ثَعْلَبَة بن الْحَارِث بن مَالك بن كنَانَة وَأَنه قَالَ أرى شهور الْأَهِلّة ثَلَاثمِائَة وَأَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا وَأرى شهور الْعَجم ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا فبيننا وَبينهمْ أحد عشر يَوْمًا فَفِي كل ثَلَاث سِنِين ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَفِي كل ثَلَاث سِنِين شهر وَكَانَ إِذا جَاءَت ثَلَاث سِنِين قدم الْحَج فِي ذِي الْقعدَة فَإِذا جَاءَت ثَلَاث سِنِين أخر فِي الْمحرم
وَكَانَت الْعَرَب إِذا حجت قلدت الْإِبِل النَّعْل وألبستها الْجلَال وأشعرتها فَلَا يتَعَرَّض لَهَا أحد إِلَّا خثعم
وَكَانَ النسئ فِي بني كنَانَة ثمَّ فِي بني ثَعْلَبَة بن مَالك بن كنَانَة
وَكَانَ الَّذِي يَلِي ذَلِك مِنْهُم أَبُو ثُمَامَة الْمَالِكِي ثمَّ من بني فقيم وَبَنُو فقيم هم النسأة وَهُوَ منسئ الشُّهُور وَكَانَ يقوم على بَاب الْكَعْبَة فَيَقُول إِن آلِهَتكُم الْعُزَّى قد أنسأت صفر الأول وَكَانَ يحله عَاما ويحرمه عَاما وَكَانَ أتباعهم على ذَلِك غطفان وهوازن وسليم وَتَمِيم وَآخر النسأة

الصفحة 23