كتاب الشمائل الشريفة

كَانَ إِذا تغدى لم يتعش وَإِذا تعشى لم يتغد اجتنابا للشبع وإيثارا للجوع تنزها عَن الدُّنْيَا وتقويا على الْعِبَادَة وتقديما للمحتاجين على نَفسه كَمَا يدل لَهُ خبر الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة مَا شبع ثَلَاثَة تباعا وَلَو شَاءَ لشبع لكنه يُؤثر على نَفسه قَالَ الْغَزالِيّ فَينْدب للْإنْسَان أَن يقْتَصر فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة على أكله وَاحِدَة وَهَذَا هُوَ الْأَقَل وَمَا جَاوز ذَلِك إِسْرَاف ومداومة للشبع وَذَلِكَ فعل المترفين
تَنْبِيه قَالَ ابْن الْحجَّاج دَعَا مُوسَى ربه أَن يُغْنِيه عَن النَّاس فَأوحى الله إِلَيْهِ ياموسى أما تُرِيدُ أَن أعتق بغدائك رَقَبَة من النَّار وبعشائك كَذَلِك قَالَ بلَى يارب فَكَانَ يتغذى عِنْد رجل من بني إِسْرَائِيل ويتعشى عِنْد آخر وَكَانَ ذَلِك رفْعَة فِي حَقه ليتعدى النَّفْع إِلَى عتق من من الله عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ من النَّار حل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ غفل عَنهُ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ فَقَالَ لم أجد لَهُ أصلا وَإِنَّمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من فعل أبي جُحَيْفَة
149 - (كَانَ إِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تفهم عَنهُ وَإِذا أَتَى على قوم فَسلم عَلَيْهِم سلم عَلَيْهِم ثَلَاثًا) حم خَ ت عَن أس ض
كَانَ قَالَ الْكرْمَانِي قَالَ الأصوليون مثل هَذَا التَّرْكِيب يشْعر بالاستمرار وَإِذا تكلم بِكَلِمَة أَي بجملة مفيدة أَعَادَهَا ثَلَاثًا من المرات وَبَين المُرَاد بقوله حَتَّى تفهم وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ ليفهم بمثناة تحتية مَضْمُونَة وبكسر وَفِي رِوَايَة لَهُ بِفَتْحِهَا عَنهُ أَي لتحفظ وتنقل عَنهُ وَذَلِكَ إِمَّا لِأَن من الْحَاضِرين من يقصر فهمه عَن وعيه فيكرره ليفهم ويرسخ فِي الذِّهْن وَإِمَّا أَن يكون الْمَقُول فِي بعض إِشْكَال فيتظاهر بِالْبَيَانِ دفع الشّبَه وَفِي الْمُسْتَدْرك حَتَّى تعقل عَنهُ بدل حَتَّى تفهم وَهَذَا من شفقته وَحسن تَعْلِيمه وَشدَّة النصح فِي تبليغه قَالَ ابْن التِّين وَفِيه أَن الثَّلَاث غَايَة مَا يَقع بِهِ الْإِقْرَار وَالْبَيَان وَإِذا أَتَى على قوم أَي وَكَانَ إِذا قدم على قوم فَسلم عَلَيْهِم هُوَ من تتميم الشَّرْط سلم عَلَيْهِم جَوَاب الشَّرْط ثَلَاثًا قيل هَذَا فِي سَلام الاسْتِئْذَان أما سَلام الْمَار فالمعروف فِيهِ عدم التّكْرَار لخَبر إِذا اسْتَأْذن أحدكُم فليستأذن ثَلَاثًا وَاعْترض بِأَن تَسْلِيم الاسْتِئْذَان لَا يثنى إِذا حصل الْإِذْن بِالْأولَى وَلَا يثلث إِذا حصل بِالثَّانِيَةِ قَالَ الْكرْمَانِي وَالْوَجْه أَن مَعْنَاهُ كَانَ إِذا أَتَى قوما يسلم تَسْلِيمَة الاسْتِئْذَان ثمَّ إِذا قعد سلم تَسْلِيمَة التَّحِيَّة ثمَّ إِذا قَامَ سلم تَسْلِيمَة الْوَدَاع

الصفحة 108