كتاب الشمائل الشريفة

إِلَيْهِ كَفاهُ فَيكون حَسبه {وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه}
وَمن قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كَفاهُ الله شَرّ الشَّيْطَان طب عَن بُرَيْدَة ابْن الْحصيب
187 - كَانَ إِذا خطب احْمَرَّتْ عَيناهُ وَعلا صَوته وَاشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش يَقُول صبحكم مساكم هـ حب ك عَن جَابر // صَحَّ //
كَانَ إِذا خطب أَي وعظ وأصل الْخطب الْمُرَاجَعَة فِي الْكَلَام احْمَرَّتْ عَيناهُ وَعلا صَوته أَي رفع صَوته ليؤثر وعظه فِي خواطر الْحَاضِرين وَاشْتَدَّ غَضَبه لله تَعَالَى على من خَالف زواجره قَالَ عِيَاض يَعْنِي بِشدَّة غَضَبه أَن صفته صفة الغضبان قَالَ وَهَذَا شَأْن الْمُنْذر الْمخوف وَيحْتَمل أَنه لنهي خُولِفَ فِيهِ شَرعه وَهَكَذَا تكون صفة الْوَاعِظ مُطَابقَة لما يتَكَلَّم بِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش أَي كمن ينذر قوما من جَيش عَظِيم قصدُوا الإغارة عَلَيْهِم فَإِن الْمُنْذر الْمعلم الَّذِي يعرف الْقَوْم بِمَا يكون قد دهمهم من عَدو أَو غَيره وَهُوَ الْمخوف أَيْضا يَقُول أَي حَال كَونه يَقُول صبحكم أَي أَتَاكُم الْجَيْش وَقت الصَّباح مساكم أَي أَتَاكُم وَقت الْمسَاء قَالَ الطَّيِّبِيّ شبه حَاله فِي خطبَته وإنذاره بِقرب الْقِيَامَة وتهالك النَّاس فِيمَا يُرِيهم بِحَال من ينذر قومه عِنْد غفلتهم بِجَيْش قريب مِنْهُم يقْصد الْإِحَاطَة بهم بَغْتَة بِحَيْثُ لَا يفوتهُ مِنْهُم أحد فَكَمَا أَن الْمُنْذر يرفع صَوته وتحمر عَيناهُ ويشتد غَضَبه على تغافلهم فَكَذَا حَال الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْإِنْذَار وَفِيه أَنه يسن للخطيب أَن يفخم أَمر الْخطْبَة وَيرْفَع صَوته ويحرك كَلَامه وَيكون مطابقا لما تكلم بِهِ من ترغيب وترهيب قَالَ النَّوَوِيّ وَلَعَلَّ اشتداد غَضَبه كَانَ عِنْد إنذاره أمرا عَظِيما وَقَالَ فِي المطامح فِيهِ دَلِيل على إغلاظ الْعَالم على المتعلم والواعظ على المستمع وَشدَّة التخويف ثمَّ هَذَا قِطْعَة من حَدِيث وبقيته عِنْد ابْن مَاجَه وَغَيره وَيَقُول بعثت أَنا والساعة كهاتين ويقرن بَين أَصَابِعه السبابَة وَالْوُسْطَى ثمَّ يَقُول أما بعد فَإِن خير الْأُمُور كتاب الله وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة
تَنْبِيه قَالَ ابْن الْقيم كَانَ يخْطب على الأَرْض والمنبر وَالْبَعِير وَلَا يخْطب خطْبَة

الصفحة 128