كتاب الشمائل الشريفة

الثَّانِي وَيُوَافِقهُ لفظ الدُّخُول وَفِي رِوَايَة الكنيف بدل الْخَلَاء قَالَ عِنْد شُرُوعه فِي الدُّخُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ أَي ألوذ والتجئ بك من الْخبث بِضَم أَوله وثانيه وَقد تسكن وَالرِّوَايَة بهما وَقَول الْخطابِيّ تسكين الْمُحدثين خطأ لِأَنَّهُ بِالسُّكُونِ جمع لأخبث لَا لخبيث قَالَ مغلطاي هُوَ الْخَطَأ قَالَ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ اتّفق من بعده على تغليطه فِي إِنْكَار الإسكان ثمَّ افْتَرَقُوا فرْقَتَيْن فَقَالَت إِحْدَاهمَا هُوَ بِالسُّكُونِ بِمَعْنَاهُ بِالتَّحْرِيكِ وَإِنَّمَا هُوَ مخفف مِنْهُ وَعَلِيهِ النَّوَوِيّ وَابْن دَقِيق الْعِيد وَقَالَت الْأُخْرَى وَمِنْهُم عِيَاض بِالسُّكُونِ مَعْنَاهُ الشَّرّ وَالْمَكْرُوه وَقَالَ ابْن حجر كَابْن الْأَثِير وَعَلِيهِ فَالْمُرَاد بالخبائث الْمعاصِي أَو مُطلق الْأَفْعَال المذمومة ليحصل التناسب فَإِن فعلاء المضموم يسكن قِيَاسا والخبائث الْمعاصِي أَو لخبث الشَّيْطَان والخبائث الْبَوْل وَالْغَائِط وأصل الْخبث فِي كَلَامهم الْمَكْرُوه فَإِن كَانَ من الْكَلَام فَهُوَ الشتم أَو من الْملَل فَهُوَ الْكفْر أَو من الطَّعَام فالحرام أَو من الشَّرَاب فالضار أهـ وَفَائِدَة قَوْله هَذَا مَعَ كَونه مَعْصُوما من الشَّيَاطِين وَغَيرهم التشريع لأمته والاستنان بسنته أَو لُزُوم الخضوع لرَبه وَإِظْهَار الْعُبُودِيَّة لَهُ قَالَ الفاكهي وَالظَّاهِر أَنه كَانَ يجْهر بِهَذِهِ الِاسْتِعَاذَة إِذْ لَو لم يسمع لم ينْقل وإخباره عَن نَفسه بهَا بعيد وَفِيه اسْتِحْبَاب هَذَا الذّكر عِنْد إِرَادَة قَضَاء الْحَاجة وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيّ قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ وَإِنَّمَا شرعت الاستعاذه فِي هَذَا الْمحل لِأَنَّهُ مَحل خلْوَة والشيطان يتسلط فِيهَا مَا لَا يتسلط فِي غَيرهَا وَلِأَنَّهُ مَوضِع قذر ينزه الله عَن جَرَيَان ذكره على اللِّسَان فِيهِ وَالذكر مبعد للشَّيْطَان فَإِذا انْقَطع الذّكر اغتنم تِلْكَ الْغَفْلَة فشرع تَقْدِيم الِاسْتِعَاذَة للعصمة مِنْهُ حم ق 4 كلهم فِي الطَّهَارَة عَن أنس ابْن مَالك
195 - (كَانَ إِذا دخل الكنيف قَالَ باسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث) ش عَن أنس رَضِي الله عَنهُ // صَحَّ //
(كَانَ إِذا دخل الكنيف) بِفَتْح الْكَاف وَكسر النُّون مَوضِع قَضَاء الْحَاجة سمي بِهِ لما فِيهِ من التستر إِذْ معنى الكنيف السَّاتِر قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث بِضَم الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة كَذَا فِي الرِّوَايَة وَقَالَ الْخطابِيّ لَا يجوز غَيره وَاعْترض بِأَنَّهُ يجوز إسكان الْمُوَحدَة كنظائره فِيمَا جَاءَ على هَذَا الْوَجْه قَالَ النَّوَوِيّ وَقد صرح جمع من أهل الْمعرفَة بِأَن الْبَاء هُنَا سَاكِنة مِنْهُم أَبُو عُبَيْدَة قَالَ ابْن حجر

الصفحة 133