كتاب الشمائل الشريفة

تَنْبِيه قَالَ الْحَكِيم جَاءَ فِي رِوَايَة بدل فنفث فَقَرَأَ فَدلَّ على أَن النفث قبل الْقِرَاءَة وَفِي حَدِيث بَدَأَ بِذكر الْقُرْآن ثمَّ النفث وَفِي آخر بَدَأَ بِذكر النفث بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يكون النفث إِلَّا بعد الْقِرَاءَة وَإِذا فعل الشَّيْء لشَيْء كَانَ ذَلِك الشَّيْء مقدما حَتَّى يَأْتِي الثَّانِي وَفِي حَدِيث آخر نفث بقل هُوَ الله أحد وَذَلِكَ يدل على أَن الْقِرَاءَة تقدم ثمَّ نفث ببركتها لِأَن الْقَصْد وُصُول نورها إِلَى الْجَسَد فَلَا يصل إِلَّا بذلك فَإِذا قَرَأَ استنار صَدره بِنور المقروء الَّذِي يتلوه كل قَارِئ على قدره والنفث من الرّوح والنفخ من النَّفس وعلامته أَن الرّوح بَارِدَة وَالنَّفس حارة فَإِذا قَالَ نفث خرجت الرّيح بَارِدَة لبرد الرّوح وَإِذا قَالَ هاه خرجت حارة فَتلك نفثة وَالثَّانيَِة نفخة وَذَلِكَ لِأَن الرّوح مَسْكَنه الرَّأْس ثمَّ ينبث فِي الْبدن وَالنَّفس فِي الْبَطن ثمَّ ينبث فِي الْبدن كُله وكل مِنْهَا حَيَاة بهما يستعملان الْبدن بالحركة وَالروح سَمَاوِيَّة وَالنَّفس أرضية وَالروح شَأْنه الطَّاعَة وَالنَّفس ضِدّه فَإِذا ضم شَفَتَيْه اعتصر الرّوح فِي مَسْكَنه فَإِذا أرْسلهُ خرج إِلَى شَفَتَيْه مَعَ برد فَذَاك النفث وَإِذا فتح فَاه اعتصرت النَّفس فَإِذا أرْسلهُ خرجت ريح جلدَة فَلذَلِك ذكر فِي الحَدِيث النفث لِأَن الرّوح أسْرع نهوضا إِلَى نور تِلْكَ الْكَلِمَات وَالنَّفس ثَقيلَة بطيئة وَإِذا صَار الرّيح بالنفث إِلَى الْكَفَّيْنِ مسح بهما وَجهه وَمَا أقبل من بدنه لِأَن قبالة الْمُؤمن حَيْثُ كَانَ فَهُوَ لقبالة الله فَإِذا فعل ذَلِك بجسده عِنْد إيوائه إِلَى فرَاشه أَو عِنْد مَرضه كَانَ كمن اغْتسل بِأَطْهَرَ مَاء وأطيبه فَمَا ظَنك بِمن يغْتَسل بأنوار كَلِمَات الله تَعَالَى
فَائِدَة قَالَ القَاضِي شهِدت المباحث الطبية على أَن الرِّيق لَهُ دخل فِي النضج وتبديل المزاج ولتراب الوطن تَأْثِير فِي حفظ المزاج الْأَصْلِيّ وَدفع نكاية الْمُغيرَات وَلِهَذَا ذكرُوا فِي تَدْبِير الْمُسَافِر أَنه يستصحب تُرَاب أرضه إِن عجز عَن اسْتِصْحَاب مَائِهَا حَتَّى إِذا ورد غير المَاء الَّذِي تعود شربه وَوَافَقَ مزاجه جعل شَيْئا مِنْهُ فِي سقايته وَيشْرب المَاء من رَأسه ليحفظ عَن مضرَّة المَاء الْغَرِيب ويأمن تغير مزاجه بِسَبَب استنشاق الْهَوَاء المغاير للهواء الْمُعْتَاد ثمَّ إِن الرقي والعزائم لَهَا آثَار عَجِيبَة تتقاعد الْعُقُول عَن الْوُصُول إِلَى كنهها ق د ن عَن عَائِشَة وَرَوَاهُ عَنْهَا النَّسَائِيّ أَيْضا

الصفحة 85