كتاب الشمائل الشريفة

105 - (كَانَ إِذا اشْتَكَى ورقاه جِبْرِيل قَالَ باسم الله يبريك من كل دَاء يشفيك وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد وَشر كل ذِي عين) م عَن عَائِشَة // صَحَّ // (كَانَ إِذا اشْتَكَى) أَي مرض والشكاية كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ الْمَرَض ورقاه جِبْرِيل قَالَ بِسم الله يبريك الِاسْم هُنَا يُرَاد بِهِ الْمُسَمّى فَكَأَنَّهُ قَالَ الله يبريك من قبيل {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى}
وَلَفظ الِاسْم عبارَة عَن الْكَلِمَة الدَّالَّة على الْمُسَمّى والمسمى هُوَ مدلولها لكنه قَالَ يتوسع فَيُوضَع الِاسْم مَوضِع الْمُسَمّى مُسَامَحَة ذكره الْقُرْطُبِيّ من كل دَاء يشفيك وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد خصّه بعد التَّعْمِيم لخفاء شَره وَشر كل ذِي عين من عطف الْخَاص على الْعَام لِأَن كل عائن حَاسِد وَلَا عكس فَلَمَّا كَانَ الْحَاسِد أَعم كَانَ تَقْدِيم الاستعاذه مِنْهُ أهم وَهِي سِهَام تخرج من نفس الْحَاسِد والعائن نَحْو الْمَحْسُود والمعيون تصيبه تَارَة وتخطئه أُخْرَى فَإِن صادفته مكشوفا لَا وقاية عَلَيْهِ أثرت فِيهِ وَلَا بُد وَإِن صادفته حذرا شاكي السِّلَاح لَا منفذ فِيهِ للسهام خابت فَهُوَ بِمَنْزِلَة الرَّمْي الْحسي لَكِن هَذَا من النُّفُوس والأرواح وَذَلِكَ من الْأَجْسَام والأشباح وَلِهَذَا قَالَ ابْن الْقيم استعاذ من الْحَاسِد لِأَن روحه مؤذيه للمحسود مُؤثرَة فِيهِ أثرا بَينا لَا يُنكره إِلَّا من هُوَ خَارج عَن حَقِيقَة الإنسانية وَهُوَ أصل الْإِصَابَة بِالْعينِ فَإِن النَّفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة تقَابل الْمَحْسُود فتؤثر فِيهِ بِتِلْكَ الْخَاصَّة والتأثير كَمَا يكون بالاتصال قد يكون بالمقابلة وبالرؤية وبتوجه الرّوح وبالأدعية والرقي والتعوذات وبالوهم والتخييل وَغير ذَلِك وَفِيه ندب الرّقية بأسماء الله وبالعوذ الصَّحِيحَة من كل مرض وَقع أَو يتَوَقَّع وَأَنه لَا يُنَافِي التَّوَكُّل وَلَا ينقصهُ وَإِلَّا لَكَانَ الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق النَّاس بتحاشيه فَإِن الله لم يزل يرقي نبيه فِي المقامات الشَّرِيفَة والدرجات الرفيعة إِلَى أَن قَبْضَة وَقد رقى فِي أمراضه حَتَّى مرض مَوته فقد رقته عَائِشَة فِي مرض مَوته ومسحته بِيَدِهَا وَيَده وَأقر ذَلِك م فِي الطِّبّ عَن عَائِشَة وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن مَاجَه فِي الطِّبّ وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز وَالنَّسَائِيّ فِي الْبعُوث أربعتهم عَن أبي سعيد مَعَ خلف يسير وَالْمعْنَى مُتَقَارب جدا

الصفحة 86