كتاب الافتراق مفهومه أسبابه سبل الوقاية منه

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بخبر آخر أن الأمة ستتبع الأمم السابقة، وهو الحديث الصحيح المتفق عليه في الصحاح والسنن، وهو حديث: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموه)). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟! قال: ((فمن)) (1)؟! وهذا الحديث أيضًا فسر بما يدل على أن المراد التشبه بنصوص وألفاظ كثيرة، مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حذو القذة بالقذة))، وغير ذلك من الألفاظ التي تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر - على سبيل التحذير - أن الأمة ستقع في الافتراق حتمًا، وأن وقوعها أمر واقع تبتلى به هذه الأمة، وليس وقوع الافتراق ذمًا إلا للمفترقين، وليس هو ذمًا على الإسلام، ولا انتقاصًا، ولا ذمًا لأهل السنة والجماعة وأهل الحق، إنما هو ذم للمفترقين، والمفترقون ليسوا هم أهل السنة والجماعة، بل
__________
(1) أخرجه البخاري، فتح الباري، 13/ 300. ومسلم، رقم (2669).

الصفحة 23