كتاب الافتراق مفهومه أسبابه سبل الوقاية منه

والفرق بين الخوارج والشيعة صنعه المبطلون إمعانًا في تفريق الأمة، بمعنى أن ابن سبأ وأمثاله بذروا بذورًا تناسب طائفة من أهل الأهواء، وبذورًا أخرى تناسب طائفة أخرى، وجعلوا بينهم شيئًا من العداء، لتفترق الأمة كما يحدث الآن، حيث أوجد أعداء الإسلام ضد المسلمين ما يسمى بلعبة اليمين واليسار، وقسموا المسلمين إلى أحزاب، أحزاب يمين وأحزاب يسار، ولما استنفذت غرضها، جاءت لعبة العلمانية والأصولية، والتقدمية والرجعية، والأصالة والحداثة، وهكذا، وهذه اللعبة واحدة، منشؤها واحد، وأصل القائلين بها واحد، وغرضها واحد، وإن اختلفت الأشكال والمشارب، إذ كل هذه تمثل قوى الباطل، وإن تعادت.
ثانيًا: أمر مهم لابد من التنبيه عليه؛ وهو أنه في تاريخ الافتراق لم يحصل من الصحابة افترق البتة، وما حصل بين الصحابة إنما هو خلافات كانت تنتهي إما بالإجماع وإما بالخضوع لرأي الجماعة والالتفاف حول الإمام، هذا ما حصل بين الصحابة، ولم يحصل من صحابي أن كان مفترقًا عن

الصفحة 31