كتاب الافتراق مفهومه أسبابه سبل الوقاية منه

لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه البدع وأخرجت أعناقها، وكثرت فيه الأهواء، وسيطرت على الناس، وكثر فيه الخبث والنفاق، نعم، لقد كثرت الأهواء رغم كثرة العلم وانتشاره، إلا أن منه ما لا بركة فيه لأصحابه، ولا يفيد الكثيرين ممن تلقوه؛ لأنه إما أن يكون تلقيه عن غير المصادر الأصلية، أي من غير الكتاب والسنة والآثار ومصنفات أئمة الهدى المقتدى بهم في الدين، أو عن غير أهله، أو على غير منهج أهل العلم والفقه في الدين، وكثرة وسائل العلم، وهذه نعمة من الله لكن رغم أنها نعمة، إلا أنها قد ضرت كثيرًا من الناس حين استعجلوها على غير وجهها وحين اكتفوا بها عن أخذ العلم عن أهله، وهذا من العلم الذي لا ينفع، الذي استعاذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن البركة إنما تتحقق في العلم الذي يؤخذ عن العلماء، وهو الأصل الذي هو سبيل المؤمنين، أما أخذ العلم عن الوسائل فقط دون الرجال فإنه لا ينفع إلا قليلاً، مما نتج عنه ظهور الأهواء والآراء
__________
* ألقيت هذا الموضوع في محاضرة بالرياض في شهر ربيع الثاني عام 1412 هـ.

الصفحة 4