كتاب الافتراق مفهومه أسبابه سبل الوقاية منه

وأضرب مثلاً لذلك ما حدت في ما شجر بين إخواننا الأفغان، إن ما حدث من النزاع في كنر فتنة، فالمتبصر يدرك أن المسألة ليست صراعًا بين الحق والباطل من كل وجه، أو الصراع ربما لم يكن عقائديًا من كل وجه، ولم يكن هناك دليلٌ قطعيٌ على أن الحق مع إحدى الطائفتين، إنما قد يترجح الحق مع إحدى الطائفتين عند فريق من الناس، وآخر لا يسلم له، فكان مقتضى الحال التثبت، والسعي للإصلاح، وإطفاء الفتنة أولاً، والرجوع في ذلك إلى أهل العلم.
لكن تكلم في الفتنة من لا يفقه أحكام الكلام في الفتن، ومتى يكون الكلام مناسبًا ومتى لا يكون؟ ومتى يجوز الحديث عن الأشخاص والحكم عليهم؟ ومتى لا يجوز؟ ولا بصيرة له بفقه المصالح الكبرى للأمة، والمصالح المعتبرة في جمع الشمل، وجمع الكلمة والإصلاح، وضرورة السكوت إذا كان الكلام يُشعل الفتن، والإعراض والكف عما يشجر بين المسلمين أثناء الفتن، ودرء المفاسد إلى آخره، وقد ولج كثير من الناس على غير هدى ولا بصيرة في هذا الأمر، ولم

الصفحة 53