كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

بإبطاله، ولذلك فإذا كان الحدوث موقوفا على حوادث متجددة زال هذا المحذور (1) .
وبهذا يتبين أن المتكلمين- أشاعرة ومعتزلة- لم يستطيعوا التخلص من هذا المأزق الذي وقعوا فيه، يقول شيخ الإسلام: "وهذا قول أكثر المعتزلة والأشعرية وغيرهم: يقرون بالصانع المحدث من غير تجدد سبب حادث، ولهذا قامت عليهم الشناعات في هذا الموضع وقال لهم الناس: هذا ينقض الأصل الذي أثبتم به الصانع، وهو أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح؛ فإذا كانت الأوقات متماثلة، والفاعل على حال واحدة لم يتجدد فيه شيء أزلا وأبدا، ثم اختص أحد الأوقات بالحدوث فيه، كان ذلك ترجيحا بلا مرجح " (2) ، ثم بين شيخ الإسلام أن قول ملاحدة الدهرية والفلاسفة ينزع إلى هذا الأصل وهو إثبات حدوث حادث بلا سبب حادث (2) .
5- كما أجاب المتكلمون عن اعتراض الفلاسفة الثاني وهو دليل العلة التامة بأن قالوا "المؤثر التام يجوز بل قد يجب أن يتراخى عنه أثره، فقالوا:
البارى كان في الأزل مؤثرا تاما وتراخى عنه أثره" (4) ، ولكن رد عليهم بأن هذا باطل لأنه يلزم منه " أن يصير المؤثر مؤثرا تاما بعد أن لم يكن موثرا تاما بدون سبب حادث، أو أن الحوادث تحدث بدون مؤثر تام، وأن الممكن يرجح وجوده على عدمه بدون المرجح التام" (5) ، وهذا كله باطل.
6- أما موقف ورأي ابن تيمية فيما جرى بين الفلاسفة والمتكلمين حول حدوث العالم فيتلخص بما يلي:
__________
(1) انظر: درء التعارض (1/322) .
(2) المصدر السابق (8/107) .
(3) المصدر نفسهـ نفس الجزء والصفحة- وانظر أيضا: حول الترجيح بلا مرجح: الصفدية (1/144) ، وشرح حديث النزول- مجموع الفتاوى (5/559- 560) ، والمسألة المصرية في القرآن - الفتاوى (12/214) ، ومنهاج السنة (1/145-146) - المحققة- ط مكتبة دار العروبة، ودرء التعارض (3/63، 8/291-295، 9/161- 166) .
(4) درء التعارض (8/270) .
(5) المصدر السابق (3/63) .

الصفحة 1000