كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

فاحتجوا بذلك على أن للحوادث مبتدأ، وأن الله تعالى كان معطلا عن الخلق، ثم خلق، وأن القلم هو أول المخلوقات.
وقد بين شيخ الإسلام وجه الحق في ذلك ببيان مايلي:
1- أن العلماء مختلفون في العرش والقلم أيهما خلق قبل:
فقيل: إن القلم خلق أولا، وأنه أول الخلوقات لحديث " أول ما خلق الله القلم ".
وقيل: إن العرش خلق قبل، وأن المقصود بقوله: " أول ما خلق الله القلم " أى من هذا العالم، واحتج هؤلاء بعدة أدلة:
أ- منها: حديث " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه على الماء" (1) ، ففي هذا الحديث بين أن كتابة المقادير كانت قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأن عرشه كان على الماء. فهو سابق للتقدير والكتابة.
ب- ومنها: ما روى موقوفا عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا، فكان أول ما خلق الله القلم، فأمره، وكتب ما هو كائن، وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه (2) . فقول ابن عباس يفسر المقصود بأولية القلم وأنها ليست أولية مطلقة وإنما خلق قبله العرش.
__________
(1) رواه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى. ورقمه (2653) ، والإمام أحمد (2/169) ، ورقمه عند أحمد شاكر (6579) . والترمذي في كتاب القدر، باب رقم (18) ، ورقمه (2156) - ت عطوة-. والبيهقي في الأسماء والصفات (ص: 374) ، وفي الاعتقاد (ص: 136) ، والبغوي في شرح السنة (1/123) ، والدارمي في الرد على الجهمية (ص: 122، 126) ، والآجري في الشريعة (ص: 176) ، والحديث يكفى تخريجه عن مسلم، وإنما ذكرت تخريجه من بعض كتب العقائد ليرجع من شاء إلى أقوال علماء السلف في معناه.
(2) رواه الدارمي في الرد على الجهمية (ص: 31) - ت البدر-، واللالكائي في شرح السنة (4/669-670) .

الصفحة 1010