كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)
ج-- أن في بعض روايات حديث عمران بن حصين: كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء (1) . فعطف الخلق والكتابة على العرش بثم، وفي لفظ آخر: " كان الله عز وجل ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم كتب جل ثناؤه في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض " (2) ، قال البيهقي عن حديث أول ما خلق الله القلم: " وإنما أراد- واللة أعلم- أول شيء خلقه بعد خلق الماء والريح والعرش والقلم، وذلك بين في حديث عمران بن الحصين - رضى الله عنهـ ثم خلق السموات والأرض " (3) .
د- أنه قال في حديث القلم: "قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة"، "وهذا يبين أنه أمره حينئذ أن يكتب مقادير هذا الخلق إلى قيام الساعة، ولم يكتب حينئذ ما يكون بعد ذلك، وهذا يؤيد حجة من جعله أول الخلوقات من هذا الخلق الذي أمره بكتابته، فإنه سبحانه كتبه وقدره قبل أن يخلقه بخمسين ألف سنة " (4) .
هـ- ولما ورد في بعض ألفاظه: " لما خلق الله القلم قال له اكتب " (5) .
فهذه الأدلة وغيرها تبين أن حديث القلم ليس فيه دلالة لهؤلاء وأن القلم ليس أول المخلوقات، بل هناك مخلوقات قبله كالعرش والماء (6) .
ولهذه الأدلة تكلم العلماء في معنى حديث " أول ما خلق الله القلم: فقال له اكتب ... هل هو جملة أو جملتين، وهل " أول" بالرفع أو النصب (7) .
__________
(1) هذه رواية البخاري في صحيحهـ كتاب التوحيد- وقد سبق تخريجه قريبا.
(2) البيهقي في الأسماء والصفات (ص: 375) .
(3) الأسماء والصفات (ص: 378) ، وانظر: بغية المرتاد (ص: 288) .
(4) بغية المرتاد (ص: 294) .
(5) رواه الطبراني في الكبير- رقم (12500) .
(6) انطر حول ما سبق: بغية المرتاد (ص: 275-294) ، ومنهاج السنة (1/361) - طبعة جامعة الإمام، وبهذا يتبين أن من أخذ بحديث القلم دون غيره من الأحاديث، وقال إن القلم أول المخلوقات كلها قد جانبه الصواب. والله أعلم.
(7) انظر نونية ابن القيم مع شرحها لابن عيسى (1/374-377) ، وللهراس (1/186 -187) . - ط مكتبة ابن تيمية، القاهرة، وانظر شرح الطحاوية (ص: 294- 296) - ط المكتب الإسلامى-، الرابعة.
الصفحة 1011
1494