كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)
وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها، أعني الذين يقولون: ليس في الباطن مدلول هو صفة الله قط، وأن الله لا صفة له ثبوتية، بل صفاته: إما سلبية، أو إضافية، وإما مركبة منهما، أو يثبتون بعض الصفات- وهي الصفات السبعة، أو الثمانية، أو الخمسة عشر- أو يثبتون الأحوال دون الصفات، ويقرون من الصفات الخبرية بما في القرآن دون الحديث، على ما قد عرف من مذاهب المتكلمين- فهؤلاء قسمان:
(قسم) يتأولونها، ويعينون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين.
(وقسم) يقولون: الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه.
وأما القسمان الواقفان:
(فقوم) يقولون: يجوز أن يكون ظاهرها اللائق بجلال الله، ويجوز أن لا يكون المراد صفة الله، ونحو ذلك. وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم.
(وقوم) يمسكون عن هذا كله، لا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات.
فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها" (1) ، ثم بين أن الصواب طريقة السلف، وأن فيها السلامة والرشاد، وأن الطرق الأخرى- خاصة طرق الفلاسفة والمتكلمين- قد يكون فيها العطب والهلاك.
ب- أقوال الأشاعرة في الصفات:
سبق عند الحديث عن تطور المذهب الأشعري وأشهر رجاله تتبع أقوال الأشاعرة في مسائل الصفات وغيرها، وتبين اختلاف أقوالهم في الصفات وتعددها أحيانا، ويمكن تلخيص ذلك كما يلي:
__________
(1) الحموية الكبرى- مجموع الفتاوى (5/113-117) .
الصفحة 1033
1494