كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)
وفيهم تجهم من جهة أخرى، فإن الأشعري شرب كلام الجبائي شيخ المعتزلة، ونسبته في الكلام إليه متفق عليها عند أصحابه وغيرهم، وابن الباقلاني أكثر إثباتا بعد الأشعري في الإبانة، وبعد ابن الباقلاني ابن فورك، فإنه أثبت بعض ما في القرآن.
وأما الجويني- ومن سلك طريقتهـ فمالوا إلى مذهب المعتزلة؛ فإن أبا المعالي كان كثير المطالعة لكتب أبي هاشم، قليل المعرفة بالآثار، فأثر فيه مجموع الأمرين.
والقشيري تلميذ ابن فورك، فلهذا تغلظ مذهب الأشعري من حينئذ، ووقع بينه وبين الحنبلية تنافر بعد أن كانوا متوالفين أو متسالمين ... " (1) ، ثم
تحدث عن الحنابلة من مال منهم إلى مذهب الأشاعرة، ومن مال إلى الإثبات ثم قال:"ولا ريب أن الأشعرية الخراسانيين كانوا قد انحرفوا إلى التعطيل،
وكثير من الحنبلية زادوا في الإثبات" (2) .
وفي موضع يعرض لمذهب الأشاعرة في الصفات الخبرية ويقول بعد ذكر عدد من أعلامهم: " فما من هؤلاء إلا من يثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله، وعماد المذهب: إثبات كل صفة في القرآن، أما الصفات التي في الحديث:
فمنهم من يثبتها، ومنهم من لا يثبتها" (3) ، ويذكر شيخ الإسلام أيضا أن عامة قدماء الأشاعرة يثبتون الصفات المعلومة بالسمع، كما يثبتون الصفات المعلومة بالعقل، وأن المتأخرين كأبي المعالي وغيره لا يثبتون إلا الصفات العقلية، أما الخبرية فمنهم من ينفيها، ومنهم من يتوقف فيها كالرازي والآمدي. ثم بين أن
نفاة الصفات الخبرية: منهم من يتأولها، وفهم من يفوض معناها (4) .
__________
(1) مجموع الفتاوى (ص: 51-52) .
(2) المصدر السابق (6/54) .
(3) المصدر السابق (14/147-148) .
(4) انظر: منهاج السنة (2/164-165) ،- المحققة-، ط دار العروبة. وانظر أيضا نقض التأسيس- الخطوط- (3/141-412) ، والمسألة المصرية في القرآن- مجموع الفتاوى (12/203) ، والرسالة المدنية في الحقيقة والمجاز- مجموع الفتاوى (6/358-359) ، ومجموع الفتاوى (4/174) .
الصفحة 1038
1494