كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

ثانيا: الصفات التي أثبتها الأشاعرة:
والمقصود بالصفات الصفات السبع التي أثبتها جميع الأشاعرة، متقدموهم ومتأخروهم، وهي: العلم، والقد رة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر، والحياة، وهي الصفات التى يسمونها صفات المعاني أو الصفات المعنوية، ويجعلونها في مقابل الصفات النفسية- أو الذاتية- مثل كون الرب موجودا، وقائما بنفسه، وقديما عند بعضهم، ويضيفون إليها قسما ثالثا وهو الصفات الفعلية، وقد انتقد شيخ الإسلام هذا التقسيم عندهم (1) .
وإثبات الأشاعرة لهذه الصفات- ولغيرها- جعلهم يدخلون ضمن دائرة الصفاتية المثبتة في الجملة، خلافا للجهمية والمعتزلة النفاة، ولكن مذهب الأشاعرة في الصفات الأخرى، كالصفات الاختيارية وغيرها أثر على تفاصيل أقوالهم في هذه الصفات السبع الني أثبتوها، ولذلك فقد كان لشيخ الإسلام بعض
الملاحظات والردود، ويمكن إجمالها من خلال المسائل التالية:
__________
(1) أوضح شيخ الإسلام سبب هذا التقسيم عندهم، ثم انتقده، فقال: "والذين فرقوا بين الصفات النفسية والمعنوية قالوا: القيام بالنفس والقدم- ونحو ذلك من الصفات النفسية- بخلاف العلم والقدرة، فانهم نظروا إلى مالا يمكن تقدير الذات في الذهن بدون تقديره، فجعلوه من النفسية، وما يمكن تقديرها بدونه فجعلوه معنويا، ولا ريب أنه لا يعقل موجود، قائم بنفسه، ليس قائما بنفسه، بخلاف ما يقدر أنه عالم، فإنه يمكن تقدير ذاته بدون العلم.
وهذا التقدير عاد إلى ما قدروه في أنفسهم، وإلا ففي نفس الأمر جميع صفات الرب اللازمة له هي صفات نفسية ذاتية فهو عالم بنفسه وذاته وهو عالم بالعلم وهو قادر بنفسه وذاته، وهو قادر بالقدرة، فله علم لازم لنفسه، وقدرة لازمة لنفسه، وليس ذلك خارجا عن مسمى اسم نفسه، (درء التعارض 3/21-22) ، وانظر بقية الرد والمناقشة إلى (ص: 28) من هذا الجزء، وانظر أيضا (ص: 322-333) منه.
وفي موضع آخر قال عن الأشاعرة وهو يتحدث عن صفات الأفعال وقول الأشاعرة: إن الفعل هو المفعول: "وهؤلاء يقسمون الصفات إلى ذاتية، ومعنوية، وفعلية، وهذا تقسيم لا حقيقة له؛ فإن الأفعال عندهم لا تقوم به، فلا يتصف بها، لكن يخبر عنه بها، وهذا التقسيم يناسب قول من قال: الصفات هي الأخبار التي يخبر بها عنه، لا معاني تقوم به، كما تقول ذلك الجهمية والمعتزلة ... وأما من كان مراده كالصفات ما يقوم به فهذا التقسيم لا يصلح له على أصلهم، ولكن أخذوا التقسيم عن أولئك وهم مخالفون لهم في المراد بالصفات" (مجموع الفتاوى 16/374) ، وانظر: منهاج السنة (2/295) - المحققة-. ط دار العروبة.

الصفحة 1049