كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

فذكر فيه مذهب السلف، ورجحه على مذهب المتكلمين، وكان قبل ذلك بقليل أنكر أمر المنجمين (¬1) ، واجتمع بسيف الدين جاغان (¬2) في ذلك في حمال نيابته بدمشق، وقيامه مقام نائب السلطة، وامتثل أمره، وقبل قوله، والتمس منه كثرة الاجتماع به، فحصل بسبب ذلك ضيق لجماعة، مع ما كان عندهم قبل ذلك من كراهية الشيخ، وتألمهم لظهوره وذكره الحسن، فانضاف شىء إلى أشياء، ولم يجدوا مساغا إلى الكلام فيه لزهده وعدم إقباله على الدنيا، وترك المزاحمة على المناصب، وكثرة علمه، وجودة أجوبته وفتاويه، وما يظهر فيها من غزارة العلم وجودة الفهم.
فعمدوا إلى الكلام في العقيدة لكونهم يرجحون مذهب المتكلمين في الصفات القرآن على مذهب السلف، ويعتقدونه الصواب، فأخذوا الجواب الذي كتبه، وعملوا عليه أوراقا في رده، ثم سعوا السعي الشديد إلى القضاة والفقهاء، واحدا واحدا، وأغروا خواطرهم، وحرفوا الكلام، وكذبوا الكذب الفاحش وجعلوه يقول بالتجسيم- حاشاه من ذلك- وأنه قد أوعز ذلك المذهب إلى أصحابه، وأن العوام قد فسدت عقائدهم بذلك، ولم يقع من ذلك شيء، والعياذ بالله، وسعوا في ذلك سعيا شديدا 00. (¬3) ، وقد وافقهم القاضي الحنفى جلال الدين بن حسام الدين (¬4) ، ومشى معهم إلى دار الحديث الأشرفية (¬5) وطلب حضوره وأرسل إليه فلم يحضر، وإنما أجابه ابن تيمية بقوله: " إن العقائد
¬_________
(¬1) انظر: مجموع الفتاوى (35/172) ، حين ناقش زعماءهم وبين فساد صناعتهم بالأدلة العقلية التي يعترفون بصحتها.
(¬2) انظر في توليه النيابة أحيانا السلوك (1/828-829، 847،849) .
(¬3) العقود الدرية (ص: 198- 0 0 2) ، وانظر: الكواكب (ص: 13 1- هـ 1 1) .
(¬4) وهو: أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن الرازى الحنفي، توفى قضاء الحنفية في الشام لما تولى أبوه القضاء بمصر. ولد سنة 651 هـ، وتوفي سنة 745هـ. انظر: البداية والنهاية (14/214) ، والسلوك (2/674) ، والجواهر المضية (1/ 154) ، والفوائد الالبهية (ص: 16) .
(¬5) بناها الأشرف مظفر الدين موسى ابن العادل سنة 628 هـ، وأول من تولى مشيختها ابن الصلاح. انظر الأطلال (ص: 24-25) وما بعدها. وخطط الشام (6/ 71) .

الصفحة 177