كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

وكتب ابن تيمية كتابا إلى الشام يتضمن ما وقع له، وكان مدة مقامه في الجب ثمانية عشر شهرا، وفرح الناس بخروجه فرحا شديدا. ثم تفرغ للتدريس والإفتاء (¬1) .
أما أهل الشام فكانوا يتابعون ما يجري للشيخ ويتألمون لما وقع له، حتى إنه لما جاء خطاب من الشيخ وهو في الجب إلى دمشق أخبر نائب السلطنة في الشام فأرسل في طلبه فقرئ على الناس، وجعل النائب يشكر الشيخ ويثني على علمه (¬2) .
4- محنته مع الصوفية في مصر:
بقي ابن تيمية في مصر- بعد خروجه من السجن- يعلم الناس ويفتيهم ويذكر اللة ويدعو إليه، ويتكلم في الجوامع بتفسير القرآن بعد صلاة الجمعة إلى العصر، ولما كان كثييرا ما يتطرق إلى جوانب عديدة في العقيدة منها ما له مساس بأحوال الصوفية وبدعهم، إضافة إلى أن خصمه نصرا المنبجي لم ينل- وهو المقدم عند الجاشنكير- ما أراد من إيذاء ابن تيمية، بل انعكس الأمر وصار ما جرى له سببا في شهرته وإكباب الناس على الاجتماع به والاستفادة من علومه ليلا ونهارا.
فجاء الأسلوب هذه المرة من نصر المنبجي وابن عطاء الله السكندرى (¬3) بإثارة أتباعهم من المتصوفة فاجتمع خلق كثير منهم من أهل الخوانق والربط والزوايا واتفقوا على أن يشكوا الشيخ إلى السلطان، فطلع منهم خلق محمير إلى القلعة وكانت لهم ضجة شديدة لفتت انتباه السلطان، فقيل له هؤلاء قد جاءوا من أجل ابن تيمية يشكونه ويقولون: إنه يسب مشايخهم، واستعانوا عليه بالأمراء وغيرهم.
¬_________
(¬1) = وانظر عشائر الشام: أحمد وصفي زكريا (ص: 89) وما بعدها.

(1) انظر: العقود (252-256) ، و (ص: 131) ، والبداية والنهاية (12/45) .
(¬2) انظر: البداية والنهاية (14/43) ، والعقود (ص: 251) .
(¬3) هو: أحمد بن محمد بن عطاء الله السكندرى الشاذلي، توفي سنة 709 هـ، انظر: الديباج المذهب (1/242) ، والدرر الكامنة (1/ 191) ، وطبقات السبكي (9/23) ، وشجرة النور (1/204) .

الصفحة 185