كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
وجرت على الشيخ بعض الأحداث في مصر (¬1) ، ثم لما كانت سنة 712 هـ خرج لجهاد التتر صحبة الجيش المصري، فلما وصلوا إلى عسقلان توجه إلى بيت المقدس لأنه علم أن التتار رجعوا إلى بلادهم فتحقق من عدم الغزاة، وأقام في القدس أياما، ثم قدم إلى دمشق أول ذي القعدة سنة 712 هـ، ثم استقر في دمشق زمنا طويلا تفرغ فيه للتأليف وكتابة الرسائل، وكانت من أخصب فترات عمره التى ألف! فيها كثيرا من كتبه (¬2) .
6- محنته بسبب " الطلاق ":
كان استقرار ابن تيمية في دمشق بعد عودته من مصر-؟ يشير مترحموه
- عاملا على تفرغه للبحث والتنقيب في مسائل العقيدة، والأحكام، وكان من نتيجة ذلك ترجيحه في بعض مسائل الأحكام ما يخالف فقهاء عصره، ومن هذه المسائل مسألة الحلف بالطلاق هل يكون طلاقا إذا حنث فيه؟ يرى الجمهور، أم يكون يمينا إذا كان القصد به ا! ين؟ رجحه ابن تيمية وصار يفتى فيه، ومسألة اعتبار الثلاث بكلمة واحدة طلاقا رجعيا، وكان لمنزلة الشيخ ومكانته عند الناس أبعد الأثر في ظهور وانتشار مثل هذه الفتاوى والاقتناع بها، بل ومناقشة من يعارضها ولو كان من العلماء.
فاجتمع جاعة من كبار العلماء إلى القاضى الحنبلي كمالدين بن مسلم
الحنبلي وكلموه في أن يكلم الشيخ وأن يشير عليه بترك الإفتاء في الحلف في الطلاق، فقبل الشيخ ابن تيمية إشارته ونصيحمه وترك الإفتاء بها وكان ذلك في منتصف ربيع الآخر سنة 718 هـ، فلما كان يوم السبت مستهل جمادى الأولى من هذه السنة
¬_________
(¬1) منها قيام جماعة من الغوغاء عليه بجامع مصر في 4 رجب 711 هـ وانتصرت الحسينية له حتى كادوا أن يبطشوا بالذين آذوه ولم ينصرفوا إلا بعد مناقثة الشيخ لهم وأمرهم بالانصراف وأن الحق له وليس لهم، انظر: العقود (ص: 285) وما بعدها، وبعد أيام أوذى من فقيه يقال له المبدى، وحضر جماعة من الجند للانتصار للشيخ، ثم تراجع الفقيه وشفع فيه جماعة. العقود (ص: 289) .
(¬2) انظر: البداية والنهاية (14/ 67) ، والعقود (ص: 1 32) . فقد ذكر أن الشيخ بعد عودته إلى دمشق لم يزل ملازما لنشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة وغيرها.
الصفحة 190
1494