كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
جاء الأمر من السلطان بالمنع من الفتوى فيها، وأمر بعقد مجلس في ذلك فعقد يوم الاثنين ثالث الشهر المذكور، والفصل على ما أمر به السلطان ونودي بذلك في البلد من الغد.
ثم إن ابن تيمية عاد إلى الإفتاء بذلك وقال لا يسعني كتمان العلم، فلما كان يوم الثلاثاء 29 رمضان سنة 719 هـ جمع القضاة وقرئ كتاب السلطان وفيه فصل يتعلق بالشيخ ابن تيمية بسبب الفتوى وأحضر وعوتب على فتياه، واكد عليه في المنع من ذلك، ولكن الشيخ لم يمتنع بل عاد إلى الإفتاء بذلك. فلما كان يوم 22 رجب سنة 720 هـ عقد مجلس بدار السعادة حضره النائب والقضاة وجماعة من المفتين وحضر الشيخ وعاودوه في الافتاء وعاتبوه، وحكموا بحبسه في القلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يوما، ثم ورد مرسوم السلطان بإخراجه فأخرج منها يوم الاثنين- يوم عاشوراء- سنة 721 هـ (¬1) . ثم تفرغ للعلم والتدريس والإفتاء.
7- محنته بسبب فتواه في " شد الرحال إلى القبور ":
وهذه المحنة من أعظم المحن التى مرت على الشيخ وعلى أتباعه والذي يبدو أن أعداء الشيخ والحاقدين عليه والحاسدين له لم يجدوا في مسألة الطلاق- كل ما يأملونهـ وإن كان قد سجن بسببها الشيخ ابن تيمية، فصاروا يبحثون وسيلة وقضية أخرى يدخلون من خلالها على إيذاء شيخ الاسلام وأتباعه، فعثروا على فتوى لهـ منذ سبع عشرة سنة- حول شد الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين، ومنها قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الفتوى تتضمن ذكر القولين الواردين وترجيح أحدهما- وهو التحريم- مع الأدلة على ذلك. ففرحوا بذلك وكثر الكلام حولها، واشتد الأمر، يقول ابن عبد الهادى:
" وكان للشيخ في هذه المسألة كلام متقدم أقدم من الجواب المذكور بكثير ذكره
¬_________
(¬1) انظر: العقود (ص:325-327) ، والبداية والنهاية (14/87، 97-98) ، والكو اكب (146-147) .
الصفحة 191
1494