كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
" ومثاله في ملة الاسلام مذهب الظاهرية (¬1) في إثبات الجوارح للرب- المنزه عن النقائص- من العين واليد والرجل والوجه - المحسوسات، والجهة، وغير ذلك من الثابت للمحدثات " (¬2) ، قد يتبادر إلى الذهن أنه يقصد الرد على المشبهة خاصة وأنه قال " المحسوسات "، ولكن ذكره للجهة- والسملف يثبتون لثة صفة العلو- وقوله " وغير ذلك من الثابت للمحدثات " يدل على أن إثبات هذه الصفات: العين، اليد، وغيرها لله تعالى على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته عنده لا تجوز لأنها من الصفات التى تثبت للمحدثات، ومن ثم فيجب تأويلها وهذا هو مذهب الأشاعرة، وإذا كان قد ذكر من مآخذ أهل البدع في الاستدلال " ردهم للأحاديث التى جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم، ويدعون أنها مخالفة للمعقول، وغر جارية على مقتضى الدليل فيجب ردها كالمنكرين لعذاب القبر، والصراط، والميزان، ورؤية اللة عز وجل في الآخرة " (¬3) فكيف- وهذه عبارة الشاطبي نفسهـ نفرق بين الموقفين والمنهجين؟.
2- ويقول أيضا في معرض رده على أهل البدع في استدلالهم بأحد الأحاديث: " والثاني أنه خبر واحد في مسألة قطعية فلا يسمع " (¬4) ، هذا كلام واضح وصريح في هذه المسألة الخطيرة، التي بسببها ردت أحاديث كثيرة في الصفات، ولكن الشاطبى نفسه - في موضع آخر لا يتبنى هذا القول بل يرد- في أثناء عرضه لمآخذ أهل البدع في الاستدلال على الذين لا يأخذون بأحايث الآحاد فيقول: " وذهبت طائفة إلى نفي أخبار الآحاد جملة، والاقتصار على ما استحسنته عقولهم في فهم القرآن، حتى أباحوا الخمر بقوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية [المائدة: 93] ففي هؤلاء وأمثالهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدنا
¬_________
(¬1) ما بعد هذه الكلمة يوضح المراد منها، وقد يقصد بعض علماء الظاهرية كداود وغيره فإنهم مثبتة في الصفات.
(¬2) الاعتصام (1/ 240) .
(¬3) المصدر السابق (1/ 231) .
(¬4) الاعتصام (2/ 152) .
الصفحة 222
1494