كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

واستدلال بما في الكتاب على ما يوجب بطلان الاستدلال بشيء مما في الكتاب " (¬1) ، وقال في موضع آخر في الرد على النصارى: " والمقصود هنا: أنهم سواء صدقوا محمدا أو كذبوه فإنه يلزم بطلان دينهم على التقديرين فإنه إن كان نبيا صادقا فقد بلغ عن الله في هذا الكتاب كفر النصارى في غير موضع ودعاهم إلى الإيمان به، وأمر بجهادهم، فمن علم أنه نبى ولو إلى طائفة معينة، فيجب تصديقة في كل ما أخبر بهـ وقد أخبر بكفر النصارى وضلالهم-.... وإن كذبوا محمدا تكذيبا عاما وقالوا: ليمر هو نبى أصلا، ولا أرسل إلى أحد، لا إلى العرب ولا إلى غيرهم، بل كان من الكذابين كما امتنع مع هذا أن يصدقوا بنبوة غيره فإن الطريق الذي يعلم به نبوة موسى وعيسى يعلم به نبوة محمد بطريق الأولى " (¬2) .
وبمثل هذه المناقشات والمقدمات يفتح آفاقا في مناهج مناقشة النصارى ومجادلتهم.
أقسام العلماء وأنواعهم في مدى معرفتهم بالمعقول والمنقول:
كثيرا ما يردد شيخ الإسلام ابن تيمية في ردوده على أهل الكلام والنفاة أن اكثرهم قليل المعرفة بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف!، وقد أورد اعتراضا على قوله هذا ثم أجاب عنه. فقال: " فإن قيل: قلت: إن اكثر أئمة النفاة من الجهمية والمعتزلة كانوا قليلي المعرفة بما جاء عن الرسول وأقوال السلف في تفسير القرآن وأصول الدين، وما بلغوه عن الرسول، ففي النفاة كثير ممن له معرفة بذلك. قيل: هؤلاء أنواع:
نوع ليس لهم خبرة بالعقليات، بل هم يأخذون ما قاله النفاة عن الحكم والدليل ويعتقدونها براهين قطعية، وليس لهم قوة على الاستقلال بها، بل هم في الحقيقة مقلدون فيها، وقد اعتقد أقوال أولئك، فجميع ما يسمعونه من القرآن
¬_________
(¬1) الجواب الصحيح (2/263-264) ط المدني.
(¬2) الجواب الصحيح (1/174- هـ 17) .

الصفحة 236