كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
من غير تعيين مطلوب فذلك النظر في كتاب الله وتدبره كما قال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي الله به من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} [المائدة:15 - 16] . " (¬1) .
6- ونعرض للأدلة الشرعية التي ذكرها شيخ الاسلام:
أ- فأولها دلالة السمع من الكتاب والسنة على كل ما تنازع الناس فيه، لأن فيهما الهدى التام، فمن اعتصم بالوحي فقد هدى إلى صراط مستقيم، ولذلك فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، " دعوا الناس إلى عبادة الله أولا بالقلب، واللسان، وعبادته متضمنة لمعرفته، وذكره، فأصل علمهم وعملهم هو العلم بالله والعمل لله" (¬2) (2) ، ولذلك فالرسل لم يدعوا الناس إلى الإقرار بوجود الله وأنه الخالق، لأن هذا معروف مسلم مركوز في فطر الناس، وإنما دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومنه ينطلق إلى الأمور الأخرى، لأن من عبد الله وحده وأخلص له في العبادة فلابد أن يصدق برسله وبما جاءوا به من عند ربهم تعالى، يقول شيخ الإسلام: " إن الله سبحانه لما كان هو الأول الذي خلق الكائنات والآخر الذي إليه تصير الحادثات فهو الأصل الجامع فالعلم به أصل كل عمل وجامعه، وليس للخلق صلاح إلا في معرفة ربهم وعبادته، وإذا حصل لهم ذلك فما سواه إما فضل نافع وإما فضول غير نافعة، وإما أمر مضر "، " ثم من العلم به تتشعب أنواع العلوم، ومن عبادته وقصده تتشعب وجوه المقاصد الصالحة، والقلب بعبادته والاستعانة به معتصم مستمسك قد لجأ إلى ركن وثيق، واعتصم بالدليل الهادي، والبرهان الوثيق، فلا يزال إما في زيادة العلم والايمان، وإما في السلامة من الجهل والكفر، وبهذا جاءت النصوص الالهية في أنه بالإيمان يخرج الناس من الظلمات إلى النور، وضرب مثل المؤمن - وهو المقر بربه علما وعملا- بالحي والبصير والسميع والنور والظل- وضرب
¬_________
(¬1) نقض المنطق (ص: 33) .
(¬2) مجموع الفتاوى (2/15) .
الصفحة 255
1494