كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
لا يوجد مقتضاها إلا بسبب منفصل، مثل من يعلمه ويدعوه، أو يمكن وجود ذلك بدون هذا السبب المنفصل، فإن كان الأول لزم أن يكون موجبها متوقفا على مخاطب منفصل دائما، فلا يحصل بدونه البتة، ثم القول في حصول موجبها لذلك انحاطب المنفصل، كالقول في الأول، وحينئذ فيلزم التسلسل في الخاطبين، ووجود مخاطبين لا يتناهون، وهم أيضا مخاطبون وهذا تسلسل في الفاعلين وهو ممتنع، وإن كان من الخاطبين من حصل له بموجب الفطرة بلا مخاطب منفصل فى ل على إمكان ذلك بالفطرة، فبطل هذا التقرير وهو كون موجب الفطرة لا يحصل قط إلا نحاطب منفصل، وإذا أمكن حصول موجب الفطرة بدون مخاطب منفصل علم أن في الفطرة قوة تقتض! اذلك، وإن ذلك ليمى موقوفا على مخاطب منفصل، لكن قد يكون لذلك المقتضى معارض مانع وهذا هو الفطرة " (¬1) .
وهذه الفطرة توافق ما أخبرت به الرسل ولا تعارضها أبدا، ولذلك فإن دليل الفطرة على علو الله تعالى لا يمكن أن يكون ما جاءت به النصوص بخلافه كما زعم نفاته (¬2) ، وهكذا.
ج-- ومن الأدلة النظرية التى تفيد العلم، وقد جاء بها القرآن، دليل " الآيات، فالمخلوقات تدل على الخالق وتوجب العلم به، وآيات الأنبياء توجب العلم بنبوتهم، وهكذا يقول شيخ الاسلام إن من الأدلة " الآيات كما يذكر الله ذلك في القرآن، والآية هي دليل عليه بعينه، لا تدل على قدر مشترك بينه وبن غيره، فنفس الكائنات وما فيها وهو عين وجودها في الخارج مستلزم لوجود الرب، وهو آية له ودليل عليه، وشاهد بوجوده بعينه، لا قدر مشترك بينه وبين غيره " (¬3) ، ودليل الآيات يختلف عن دليل القياس، لأن دليل الآية هو نفسه مستلزم لعين المدلول عليه، يقول شيخ الاسلام: " وأما استدلاله بالآيات
¬_________
(¬1) درء التعارض (8/459-. 46) .
(¬2) انظر: درء التعارض (5/ 312) ، وانظر: دلالة الفطرة الدرء (8/ 371) ، ونقض التأسيس المطبوع (2/475) .
(¬3) نقض أساس التقديس- المطبوع- (2/474)
الصفحة 258
1494