كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
بيان أمره للناس فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق" (¬1) ، وفي موضع آخر يركز على أئمة أهل البدع ووجوب بيان حالهم وإن ذلك ليس بغيبة يقول:" ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فغنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء" (¬2) .
ولقد كان إحساس شيخ الإسلام بهذا الواجب عظيما، فقضى جزءا كبيرا من عمره في مجاهدة أصحاب البدع علما وعملا.
2- كشف أسباب نشأة الفرق والبدع، وهذا ضروري للرد عليها لأن كشف الأسباب التي أدت إلى قيامها يهيئ الأمر ليصبح الرد عليها مبنيا على منهج سليم، والطبيب المعالج لا ينبغي له أن يكتفي بمكافحة المرض فقط وإنما يبحث عن أسبابه لأن معرفتها قد تعين في التشخيص ومن ثم في العلاج، وقد يبين أن علاج المرض بمنع أسبابه، وهكذا أمراض القلوب والعقول.
أ- فشيخ الإسلام في البداية يشير إلى أن الاختلاف من لوازم النشأة الإنسانية لأن الشهوات والشبهات لازمة للنوع الإنساني، لذلك فالاختلاف والتفرق لا بد أن يوجد (¬3) .
¬_________
(¬1) منهاج السنة (3/36) مكتبة الرياض الحديثة.
(¬2) مجموع الفتاوى (28/231-232) .
(¬3) انظر: نقض أساس التقديس - المخطوط (2/319) .
الصفحة 285
1494