كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)
وبلغ من معرفته بأحوال الخصوم أن قال عن "الاتحادية" ":" ولهذا لما بينت لطوائف من اتباعهم ورؤسائهم قولهم، وسر مذهبهم، صاروا يعظمون ذلك، ولولا ما أقرنه بذلك من الذم والرد لجعلوني من أئمتهم، وبذلوا لي من طاعة نفوسهم وأموالهم ما يجل عن الوصف، كما تبذله النصارى لرؤسائهم والإسماعيلية لكبرائهم، وكما بذل آل فرعون لفرعون ... " (¬1) .ولما عرض لمسألة: أفعال العباد، وهل هي قديمة قال:" ولم يقل قط أحد لا من أصحاب أحمد المعروفين، ولا من غيرهم من العلماء المعروفين: إن أفعال العباد قديمة، وإنما رأيت هذا [قولا] لبعض المتأخرين بأرض العجم وأرض مصر من المنتسبين إلى مذهب الشافعي وأحمد فرأيت بعض المصريين يقولون: إن أفعال العباد من خير وشر قديمة، ويقولون: ليس مرادنا بالأفعال نفس الحركات ولكن الثواب الذي يكون عليها" (¬2) . وكثيرا ما يمحص الأقوال التي تنسب إلى الخوارج (¬3) ، أو بعض طوائف النصارى (¬4) ، بل قال عن الزبور:" وقد رأيت أنا من نسخ الزبور ما فيه تصريح بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - باسمه ورأيت نسخة أخرى "من الزبور" (¬5) ، فلم أر ذلك فيها، وحينئذ فلا يمتنع أن يكون في بعض النسخ من صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ليس في أخرى" (¬6) . ومن علمه بحال الخصوم معرفته بالبلدان التي يكثر فيها الكفر والشرك والأحوال الشيطانية والتي يقل فيها ذلك (¬7) .
¬_________
(¬1) حقيقة مذهب الاتحاديين، مجموع الفتاوى (2/138) ، وانظر: قصته في الإسكندرية لما جاء أحد فضلائهم وطلب منه أن يشرح له مذهبهم، فشرحه، النبوات (ص120) ، دار الكتب العلمية.
(¬2) مجموع الفتاوى (8/408) .
(¬3) انظر: الصارم المسلول (ص184-185) .
(¬4) انظر: مناقشته للطبري وغيره حول طوائف النصارى وعقائدهم في الجواب الصحيح (1/170-171) .
(¬5) في الأصل: بالزبور، ولعل الصواب ما ذكرته.
(¬6) الجواب الصحيح (2/27) .
(¬7) انظر: تلخيص الاستغاثة (1/49-50) .
الصفحة 291
1494