كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

لفساد معناه أعظم من ذمهم لحدوث ألفاظه، فذموه لاشتماله على معان باطلة مخالفة للكتاب والسنة، ومخالفته للعقل الصريح، ولكن علامة بطلانها مخالفتها للكتاب والسنة، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل قطعا، ثم من الناس من قد يعلم بطلانه بعقله ومنهم من لا يعلم ذلك" (¬1) .ويوضح شيخ الإسلام ما سبق فيقول:" وبالجملة، فالخطاب له مقامات: فإن كان الإنسان في مقام دفع من يلزمه ويأمره ببدعة، ويدعوه إليها، أمكنه الاعتصام بالكتاب والسنة، وأن يقول لا أجيبك إلا إلى كتاب الله وسنة رسوله، بل هذا هو الواجب حقا.... وأما إذا كان الإنسان في مقام الدعوة لغيره والبيان له وفي مقام النظر أيضا فعليه أن يعتصم بالكتاب والسنة، ويدعو إلى ذلك، وله أن يتكلم مع ذلك ويبين الحق الذي جاء به الرسول بالأقيسة العقلية والأمثال المضروبة، فهذه طريقة الكتاب والسنة وسلف الأمة ... " (¬2) ، وضرب شيخ الإسلام أمثلة من الكتاب والسنة ومواقف السلف (¬3) . " وإذا كان المتكلم في مقام الإجابة لمن عارضه بالعقل، وادعى أن العقل يعارض النصوص، فإنه قد يحتاج إلى حل شبهته وبيان بطلانها، فإذا أخذ الثاني يذكر ألفاظا مجملة.... فهنا يستفصل السائل ويقول له: ماذا تريد بهذه الألفاظ المجملة؟ " (¬4) فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد.
ومن هذا الكلام وتفصيل ابن تيمية فيه يتبين لماذا رد شيخ الإسلام على الفلاسفة وأتباعهم وذكر عباراتهم ونقلها من كتبهم، ولماذا رد عليها ردودا طويلة،
¬_________
(¬1) درء التعارض (1/ 232 - 233)
(¬2) نفس المصدر (1/ 234 - 236) .
(¬3) انظر الأمثلة لذلك في المصدر السابق (1/ 236 - 238) ، فقد ضرب أمثلة من القرآن في بيان التوحيد وصدق الرسل والمعاد، ومن السنة في مسألة الرؤية حينما سأله أبو رزين: كيف وهو واحد ونحن كثير فأجابه بمثال القمر، ومن أقوال السلف يقول ابن عباس في مسألة الرؤية وأن السماء ترى ولا يحاط بها، وقول الإمام أحمد في مسألة المعية مع الاستواء والعلو.
(¬4) درء التعارض (1/ 238) .

الصفحة 300