كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

تصل إلى حد أن القارئ لا يستطيع متابعته والاستمرار معه، بل ينقطع حين يقف على نصوص من كلام هؤلاء الفلاسفة المبني على المنطق والعبارات والتراكيب الغامضة، والاصطلاحية.
6- تناقض أقوال الخصوم، وكون أدلة كل فريق ترد أدلة الفريق المقابل، ويبقى مذهب السلف هو الحق والعدل، يقول شيخ الإسلام: بعد ذكره للنزاع بين المعتزلة والأشعرية حول كلام الله وأفعال العباد:" وهذا أعظم ما يستفاد من أقوال المختلفين الذين أقوالهم باطلة، فإنه يستفاد من قول كل طائفة بيان فساد قول الطائفة الأخرى، فيعرف الطالب فساد تلك الأقوال، ويكون ذلك داعيا له إلى طلب الحق، ولا تجد الحق إلا موافقا لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا تجد ما جاء به الرسول إلا موافقا لصريح المعقول" (¬1) ، ويرى شيخ الإسلام أن هناك فوائد من ذكر كلامهم وأدلتهم ومنها:" نقض بعضهم كلام بعض، فلا يعتقد شيء منها، ثم إن عرف الحق الذي جاء به الرسول فهذا الصواب الموافق لصريح المعقول، وإلا استفيد من ذلك السلامة من تلك الاعتقادات الباطلة" (¬2) .
وكل واحد من أصحاب البدع يقدح في أدلة الآخرين، " ولهذا لا يتفق اثنان رئيسان على جميع مقدمات دليل إلا نادرا، فكل رئيس من رؤساء الفلاسفة والمتكلمين له طريقة في الاستدلال تخالف طريقة الرئيس الآخر، بحيث يقدح كل من أتباع أحدهما في طريقة الآخر، ويعتقد كل منهما أن الله لا يعرف إلا بطريقته وإن كان جمهور أهل الملة بل عامة السلف يخالفونه فيها " (¬3) .
ويضرب لذلك أمثلة (¬4) ، وطريقته في ذلك جزء من بيانه لوسطية مذهب السلف.
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى (12/ 314) .
(¬2) منهاج السنة: المحققة (2/ 197) .
(¬3) مجموع الفتاوى (2/ 22) .
(¬4) انظر: المصدر السابق (2/ 22-24) ، ومنهاج السنة (3/72، 76، 104) .

الصفحة 301