كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

وعندما أطال في ذكر مناقشات ونقول عن ابن سينا وابن رشد والطوسي في مسألة علم الله، يقول:" وبيان بطلان أقوالهم النافية للصفات يطول، وإنما القصد هنا إبطال بعضهم لقول بعض، فإن هذا يؤنس نفوسا كثيرة قد تتوهم أنه ليس الأمر كذلك " (¬1) .وأحيانا يركز شيخ الإسلام على تناقض الشخص نفسه في أقوال، ومن أمثلة ذلك ما ذكره من تناقض ابن سينا (¬2) ، وبعض أصحاب وحدة الوجود (¬3) .
7- ويرى شيخ الإسلام - وهذا جانب من تناقض الخصوم -" أن جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة الشرعية والعقلية إنما تدل على الحق، لا تدل على قول المبطل وهذا ظاهر يعرفه كل أحد، فإن الدليل الصحيح لا يدل إلا على حق، لا على باطل.... والمقصود هنا أن نفس الدليل الذي يحتج به المبطل هو بعينه إذا أعطي حقه وتميز ما فيه من حق وباطل، وبين ما يدل عليه، تبين أنه يدل على فساد قول المبطل المحتج به في نفس ما احتج به عليه. وهذا عجيب قد تأملته فيما شاء الله من الأدلة السمعية فوجدته كذلك" (¬4) .
ومن منهجه؛ الذي طبقه أن "المناظرة تارة تكون بين الحق والباطل وتارة بين القولين الباطلين لتبين بطلانهما، أو بطلان أحدهما، أو كون أحدهما أشد بطلانا من الآخر، فإن هذا ينتفع به كثيرا في أقوال أهل الكلام والفلسفة وأمثالهم، ممن يقول أحدهم القول الفاسد، وينكر على منازعه ما هو أقرب منه إلى الصواب، فيبين أن قول منازعه أحق بالصحة إن كان قوله صحيحا، وأن قوله أحق بالفساد إن كان قول منازعه فاسدا، لتنقطع بذلك حجة الباطل فإن هذا أمر مهم، إذ كان المبطلون يعارضون نصوص الكتاب والسنة بأقوالهم
¬_________
(¬1) درء التعارض (10/97)
(¬2) انظر: درء التعارض (8/ 32، 133، 186، 10/ 98 - 104، 159 - 160)
(¬3) انظر: نموذج لتناقض التلمساني في الجواب الصحيح (3/ 201 - 202) .
(¬4) مجموع الفتاوى (6/ 288) وانظر: (8/ 29) .

الصفحة 302