كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

فإن بيان فسادها أحد ركني الحق وأحد المطلوبين، فإن هؤلاء لو تركوا نصوص الأنبياء لهدت وكفت، ولكن صالوا عليها صول المحاربين لله ورسوله، فإذا دفع صيالهم وبين ضلالهم كان ذلك من أعظم الجهاد في سبيل الله" (¬1) .
8- إنصافه للخصوم والاعتراف بما عندهم من الحق، وسيأتي - إن شاء الله - بيان إنصافه للأشاعرة، ولكن نقرر هنا أن هذه قاعدة عنده حتى مع من هو أشد انحرافا من الأشاعرة من المعتزلة والجهمية، والفلاسفة، والمتصوفة والرافضة وغيرهم. ولكن ينبغي أن نشير هنا إلى ردوده القوية على الخصوم حين يعارضون الكتاب والسنة وكلام السلف وإجماعهم، أو حين يؤولون النصوص الصريحة تأويلات فاسدة، أو حين يقدمون معقولاتهم على نصوص الشرع أو غير ذلك من مناهج المنحرفين وأدلتهم الباطلة، فإذا ما واجه مثل ذلك تحركت غيرته على هذا الدين وواجه هذه الأقوال الفاسدة نقضا وإبطالا وردا، وأطال النفس في ذلك، وواجه خصومه مواجهة صريحة، يخطئهم ويضلل أقوالهم، ويبين تناقضهم وقلة أدبهم في تعاملهم مع نصوص الشرع. ولسنا بصدد ذكر نماذج لذلك فغالب كتبه شاهد على ذلك، ولكن نشير - ونحن بصدد بيان إنصافه للخصوم - إلى مواقفه وعباراته القوية في مخاطبة بعض خصومه فحين ذكر طرقا عديدة من الأدلة تدل على وجوب قتل ساب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بعد التوبة، ذكر في أثناء الطريقة الخامسة والعشرين قول من يقول: إن سب النبي مثل سب غيره، ثم قال:" واعلم أن منشأ الشبهة في هذه المسألة القياس الفاسد، وهو التسوية في الجنس بين المتباينين تباينا لا يكاد يجمعها جامع، وهو التسوية بين النبي وغيره في الدم أو في عرض - إذا فرض عود المنتهك على الإسلام - وهو مما يعلم بطلانه ضرورة، ويقشعر الجلد من التفوه به، فإن من قتله للردة فقط أو للنقض فقط، ولم يجعل لخصوص كونه أذى له أثرا،
¬_________
(¬1) درء التعارض (4/ 206) .

الصفحة 303