كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

بلا تقليد، واستنارتهم بأنوار النبوات أصلح قولا في هذا الباب من هؤلاء وهؤلاء، فأثبت علم الرب بالجزئيات ورد على سلفه ردا جيدا، وكذلك أثبت صفات الرب وأفعاله وبين ما بينه من خطأ سلفه، ورأى فساد قولهم في أسباب الحوادث، فعدل عن ذلك إلى أن أثبت للرب تعالى ما يقوم به [من] ، الارادات (¬1) الموجبة للحوا دث " (¬2) .
وابن عربى- الصوفي- يرى أنه أقرب الاتحادية إلى الاسلام " لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيرا، ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره، بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما هو قائم مع خياله الواسع الذى يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى، والله أعلم بما مات عليه " (¬3) ، ويرى أنه أقرب إلى الإسلام لأنه " يفرق بين الظاهر والمظاهر، فيقر الأمر والنهي والشرائع على ما هي عليه" (¬4) ومع ذلك فقد رد عليه وبين ما في كلامه وأقواله من الكفر.
والطوسى لما بين مخازيه، وتآمره مع هولاكو ضد أهل الإسلام قال:"ومع هذا فقد قيل: إنه كان آخر عمره يحافظ على الصلوات ويشتغل بتفسير البغوي والفقه ونحو ذلك، فإن كان قد تاب من الإلحاد فالله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات والله تعالى يقول: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} [الزمر: 53] " (¬5) .
هذه نماذج لمواقفه من خصومه وإنصافه لهم، وهنا يرد السؤال الذى يطرحه بعض من يترجم لابن تيمية وهو: كيف يوجه شدة ابن تيمية على " خصومه في مواضع، ثم رفقه بهم في مواضع أخرى؟.
¬_________
(¬1) في طبعة رشاد سالم- الارادات- بدون "من"، والتصويب من طبعة مكتبة الرياض الحديثة (1/128)
(¬2) منهاج السنة، تحقيق: رشاد سالم (1/247) .
(¬3) حقيقة مذهب الاتحاديين- مجموع الفتاوى (2/143) .
(¬4) رسالته الى نصر المنبجي، مجموع الفناوى (2/470- ا 47) .
(¬5) منهاج السنة النبوية- مكتبة الرياض الحديثة- (2/123) .

الصفحة 311