كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

في العدم: " واعلم أن المذهب إذا كان باطلا في نفسه لم يمكن الناقد له أن ينقله على وجه يتصور تصورا حقيقيا؛ فإن هذا لا يكون إلا للحق، فأما القول الباطل فإذا بين فبيانه يظهر فساده، حتى يقال: كيف اشتبه هذا على أحد، ويتعجب من اعتقادهم إياه " (¬1) .
ذ- ويرى أيضا أنه لابد من هدم الباطل الذي عند الخصم، ثم بناء الحق مكانه، ولذلك لما ذكر مناظرة الإمام أحمد للجهمية حين سألوا عن كلام الله أهو الله أو غير الله، فقال لهم أحمد: ما تقولون في علم الله، أهو الله أو غيره فعارضه أحمد بالعلم فسكت مناظرة- قال ابن تيمية- معلقا: " وهذا من حسن معرفة أبي عبد الله بالمناظرة-رحمه الله- فإن المبتدع الذي بنى مذهبه على أصل فاسد، فينبغي إذا كان المناظر مدعيا أن الحق معه، أن يبدأ بهدم ما عنده، فإذا انكسر وطلب الحق فأعطه إياه، والا فما دام معتقدا نقيض الحق لم يدخل الحق إلى قلبه، كاللوح الذي كتب فيه كلام باطل، امحه أولا، ثم اكتب فيه الحق، وهؤلاء كان قصدهم الاحتجاج لبدعتهم فذكر لهم الإمام أحمد -رحمه الله- من المعارضة ما يبطلها " (¬2) . وهذا يدل على براعة علماء السلف - رحمهم الله تعالى-.
هـ- كما يرى شيخ الإسلام أن جواب الشبهة يجب أن يكون قويا حتى ينقضها ويعيب على الذين يوردون شبهات أهل الباطل ثم يردون عليها ردودا ضعيفة، ولما عرض لمسألة مجادلة أهل الكتاب ورأى جواز ذلك، ورد على من زعم أن جواز مجادلتهم منسوخ بآيات الجهاد والقتال (¬3) ، قال في أثناء الوجه السابع: ومما يعجب منه أن بعض المنكرين لمجادلة الكفار بناء على ظهور دلائل النبوة نجده هو ومن يعظمه من شيوخه الذين يعتمد في أصول الدين على نظرهم ومناظرتهم، ويزعمون أنهم قرروا دلائل النبوة قد أوردوا من الشبهات والشكوك
¬_________
(¬1) حقيقة مذهب الاتحاديين، مجموع الفتاوى (2/145) .
(¬2) جواب أهل العلم والإيمان، مجموع الفتاوى (7/158-159) .
(¬3) انظر: الجواب الصحيح (1/66-78) .

الصفحة 314