كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

من ضمنها لذكرها، ولما أضاف ابن فورك ما ألفه بعد ذلك لم يذكر الابانة- وقد سبق عند الحديث عن الابانة ضمن مؤلفات الأشعري- التفصيل في ذلك، لكن ابن عساكر الناقل عن ابن فورك يذكر الإبانة وينقل منها نصوصا، فهذا يدل علي أن الإبانة من آخر ما ألفه الأشعري، مع أن الأشعري يذكر في قائمة كتبه كناب اللمع وهذا يدل علي تقدم اللمع علي الإبانة (¬1) .
3- قصة الأشعري مع شيخ الحنابلة في بغداد البربهاري (¬2) ، فقد روي القاضي أبو يعلى أنه " لما دخل الأشعري الى بغداد جاء الى البربهاري، فجعل يقول: رددت علي الجبائي وعلى أبي هاشم، ونقضت عليهم وعلي اليهود والنصارى والمجوس، وقلت لهم، وقالوا واكثر الكلام في ذلك، فلما سكت قال البربهاري: ما أدرى مما قلت قليلا ولا كثيرا، ولا نعرف إلا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل، قال: فخرج من عنده وصنف كتاب الإبانة فلم يقبله منه، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها" (¬3) ، وقد ضعف ابن عساكر هذه الرواية فى قوله في آخرها "ولم يظهر ببغداد الى أن خرج منها" بأن الأشعري إذ صار إليها لم يفارقها ولا رحل عنها فإن بها منيته (¬4) ، وابن عساكر إنما ينكر هذه القصة لا تأخر الإبانة.
4- دليل عقلي وهو أن الإنسان يغلب عليه التدرج شيئا فشيئا في تنقلاته، لأن الإنسان يتضح له الأمر شيئا فشيئا، فينتقل إليه خطوة خطوة، وهذا ما حدث للأشعري (¬5) .
¬_________
(¬1) انظر: تبيين كذب المفتري (ص: 128-135) .
(¬2) هو: الحسن بن على بن خلف أبو محمد البربهارى كان من المنكرين على أهل البدع، صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد، توفي سنة 328 هـ وقيل 329 هـ، طبقات الحنابلة (2/18) ، وسير أعلام النبلاء (15/90) .
(¬3) طبقات الحنابلة (2/18) ، والوافي (12/246) ، والسير للذهبي (15/90)
(¬4) انظر: التبيين (ص: 391) .
(¬5) انظر: القضاء والقدر للدسوقي (2/295) .

الصفحة 382