كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

يقولون: إن الله غير خالق لأفعال العباد يقول:"ويقال لأهل القدر: أليس قول الله تعالى: {بكل شيء عليم} [البقرة: 29] يدل على أنه لا معلوم إلا والله به عا لم، فإذا قالوا نعم، قيل لهم: فما أنكرتم أن يدل قوله تعالى: {على كل شيء قدير} [البقرة:20] على أنه لا مقدور إلا والله عليه قادر، وأن يدل قوله تعالى: {خالق كل شيء} [الزمر: 62] على أنه لا محدث مفعول إلا والله محدث له فاعل خالق" (¬1) .
ويذكر في الإبانة بابا فيه الروايات الواردة في القدر، مثل حجاج آدم وموسى، وحديث النطفة في الرحم وتقلبها، وكل ميسر لما خلق له، وغيرها (¬2) ، وهي دالة على قدر الله السابق الشامل.
لكن الأشعري مع قوله بهذه المراتب للقدر- مخالفا للمعتزلة وموافقا لأهل السنة- مال الى الجبر، وخالف أهل السنة في بعض المسائل ومنها:
القول بالكسب:
وهو من المسائل التي اشتهرت عن الأشعري، وأخذ بها الأشعرية من بعده، وقد جاء قوله بالكسب لإثبات قدرة الله الشاملة لكل شيء، يقول الأشعري في المقالات:"واختلف الناس في معنى القول: إن الله خالق، فقال قائلون: معنى أن الخالق خالق أن الفعل وقع منه بقدرة قديمة فإنه لا يفعل بقدرة قديمة الا خالق ومعنى الكسب: أن يكون الفعل بقدرة محدثة، فكل من وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق، ومن وقع منه بقدرة محدثة فهو مكتسب، وهذا قول أهل الحق" (¬3) ، وبعد أن يذكر عددا من الأقوال لأهل الإثبات وغيرهم يقول:"والحق عندي أن معنى الاكتساب هو أن يقع الشيء بقدرة محدثة، فيكون كسبا لمن وقع بقدرته" (¬4) .
¬_________
(¬1) اللمع (ص: 50- 51) ، وانظر: الرسالة (ص: 82) .
(¬2) انظر: الإبانة (ص: 225-237) .
(¬3) المقالات (ص: 39) .
(¬4) نفس المصدر (ص: 542) .

الصفحة 427