كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

عبارة عنه عبراني، وكذلك سمى أمرا لعلة وسمى نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمى كلامه أمرا وقبل وجود العلة التي لها سمى كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا، وأنكر أن يكون الباري لم يزل مخبرا أو لم يزل ناهيا، وقال: إن الله لا يخلق شيئا إلا قال له كن، ويستحيل أن يكون قوله كن مخلوقا" (¬1) .
وهذا النص الطويل يوضح كيف كان مذهب ابن كلاب في هذه المسألة العظيمة- مسألة كلام الله والقرآن- منحرفا عن مذهب السلف، وكيف تأثر به الأشعرية فيما بعد، مع ملاحظة الفرق بينه وبينهم في هذه المسألة فإنه قال هنا: " ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا ... الخ، فهو يقول: إن كلام الله لا يتصف بالأمر والنهي والخبر في الأزل، وان هذه الأمور حادثة مع قدم الكلام، أما الأشعرية فيقولون بأزلية الكلام النفسي وكذلك وصفه بكونه أمرا أو نهيا أو خبرا كل ذلك أزلى، وقد أشار السبكي الى هذه المسألة في ترجمته لابن كلاب فقال:" ثم زاد هو وأبو العباس القلانسي على سائر أهل السنة فذهبا الى أن كلامه تعالى لا يتصف بالأمر والنهي والخبر في الأزل؛ لحدوث هذه الأمور وقدم الكلام النفسي، وإنما يتصف بذلك فيما لا يزال فألزمهما أئمتنا أن يكون القدر المشترك موجودا بغير واحد من خصوصياته" (¬2) ، ويقصد السبكي بأهل السنة الأشعرية.
وابن كلاب يقول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق (¬3) ويرد على المعتزلة في ذلك، لكنه ينكر أن يتكلم الله بصوت، كما يقول: إن كلام الله معني واحد قائم بذات الله تعالى، و "ان ما نسمع التالين يتلونه هو عبارة عن كلام الله عز وجل، وان موسى عليه السلام سمع الله متكلما بكلامه، وأن معنى قوله:
¬_________
(¬1) المقالات (ص: 584- 585) .
(¬2) طبقات السبكي (2/300) ، وانظر: أصرل الدين للبغدادى (ص: 108) ، والإرشاد للجويني (ص:119-120) ، ونهاية الإقدام (ص: 303-4 30) ، والمجرد (ص: 328) .
(¬3) المقالات (ص: 298) .

الصفحة 448