كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 1)

ب- والمعنى الثاني: أنه "الفهم لإصابة المعنى، وهو البيان لكل ماسمع من الدنيا والدين أو مس أو ذاق أو شم، فسماه الخلق عقلا، وسموا فاعله عاقل" (¬1) .
ج- والمعنى الثالث: هو البصيرة والمعرفة بتعظيم قدر الأشياء النافعة والضارة في الدنيا والآخرة، ومنه العقل عن الله تعالى" (¬2) ويستمر في شرح ذلك مركزا على جوانب من أحوال النفس وخطراتها من الخوف واليقين، وحسن البصر بدين الله، وما يتعلق بذلك.
فالمحاسبي بهذا التركيز على هذه الجوانب دون غيرها مما يتعلق بأمور العقيدة والإيمان، ومعرفة سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأحكام الشريعة، انما يفتح الطريق لمنهج سلوكي صوفي قد لايقف عند حد معين.
3- أدى التصوف بالمحاسبي الى أن تكون له مواقف من علماء عصره من أهل الحديث والفقه ينعي فيها اهتمامهم بهذه الأمور وتركيزهم عليها، يقول عنهم:"فأما المغترون بالعلم فهم فرق شتى على قدر منازلهم فيه، فمنهم: فرقة تغتر بكثرة الرواية وحسن الحفظ مع تضييع واجب حق الله عز وجل، وتخيل نفس أحدهم اليه وعدوه أن مثله لا يعذب لأنه من العلماء دائمة العباد الحافظين على المسلمين علمهم ... والفرقة الثانية: يغتر أحدهم بالفقه في العلم بالحلال والحرام، وبالبصر في الفتيا والقضاء، فهو يغتر كغرة الحافظ للعلم وأعظم منه غرة حتي لا يرى أن أحدا أعلم بالله عز وجل منه لأنه قد علم الحلال والحرام والفتيا والقضاء000" (¬3) ، وإذا كان في عصر المحاسبي قد يوجد من تكون فيه مثل هذه الصفات التي ذكرها إلا أن ما يعترض عليه أسلوبه في العرض حين يقول بعد كلامه حول طرق نفي الاغترار عند أهل الحديث: "فإذا ألزم قلبه ذلك انتفت عنه الغرة بما حفظ من العلم، واهتم بطلب معانيه والتفكر فيه والقيام
¬_________
(¬1) العقل مطبوع مع فهم القرآن (ص: 208) .
(¬2) المصدر نفسه (ص:210) .
(¬3) الرعاية (ص:441-445) .

الصفحة 459