كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

4- دافع البيهقي عن علم الكلام، ولما ذكر أقوال الشافعي المشهورة في ذم الكلام وأهله، علق البيهقي على ذلك مبرراً ما فعله العلماء من الأخذ بالعقل أو علم الكلام (¬1) ، وفي مناقب الإمام أحمد له نقل عن الإمام أحمد أنه قال بتأويل بعض نصوص الصفات (¬2) ، ولما ذم الشافعي الصوفية دافع البيهقي عنهم، بل ونقل إباحة أنواع من السماع (¬3) .
ومما ينبغي ملاحظته أن البيهقي مع أقواله الموافقة لمذهب الأشاعرة في مسائل حدوث الأجسام، وحلول الحوادث، وتأويل الاستواء والنزول والمجيء، والضحك والعجب، ونفيه العلو (الجهة) ، وتأويله للقدم والأصابع، وغيرها - إلا أن قال بإثبات الوجه واليدين والعين بلا تأويل (¬4) -،- فهو بذلك قد خالف شيخه البغدادي.
5- قام البيهقي بدور عملي في الفتنة التي وقعت على الأشاعرة، المعروفة بفتنة القشيري، والتي وقعت سنة 445هـ، واستمرت سنوات، وفيها لعنت المبتدعة وفيهم الأشعرية، حتى اضطر كثير من الأشاعرة إلى الهجرة من خراسان، وكان منهم القشيري والجويني وغيرهما، وفي سنة 450هـ، حج هؤلاء ومعهم البيهقي، وفي سنة 456هـ قتل الوزير الكندري - صاحب الفتنة (¬5) - وكان قد تولى ألب أرسلان واستوزر نظام الملك الذي قام بنصرة الأشاعرة وبنى لهم المدارس المعروفة.
¬_________
(¬1) انظر: مناقب البيهقي (11/461-464) .
(¬2) كتاب البيهقي في مناقب الإمام أحمد غير موجود - على حد قول مترجمي البيهقي - لكن نقل منه ابن كثير نصوصاً في ترجمته للإمام أحمد، انظر: فيما نقله عن البيهقي: إن الإمام أحمد قال بالتأويل، البداية والنهاية (10/327) .
(¬3) انظر: مناقب الشافعي (2/207-209) .
(¬4) انظر: الاعتقاد (ص: 88-90) ، والأسماء والصفات (ص: 301-319) .
(¬5) انظر: تفاصيل هذه الفتنة في المنتظم (8/157) ، والكامل (10/33) ، وطبقات السبكي (3/389-395) ، ومقدمة تحقيق الرسائل القشيرية (ص: 12-17) .

الصفحة 589