منهج الجويني وأثره في تطور المذهب الأشعري:
يعتبر الجويني إمام الحرمين من أعظم أعلام الأشاعرة، ولا يكاد يذكر المذهب الأشعري إلا ويسبق إلى الذهن هذا الإمام المشهور كأحد من يتمثل هذا المذهب في أقواله وكتبه، ولذلك فاستعراض عقيدته وأقواله تدل على أشعريته وموافقته لشيوخه الأشاعرة مما لا داعي لبسطه هنا، وإنما المقصود الإشارة إلى عموم منهجه الذي طور فيه هذا المذهب، ويمكن عرض ذلك من خلال ما يلي:
أ - تجديده في داخل المذهب الأشعري، فالجويني وإن تبني أقوال شيوخه السابقين ونقلها إلا أنه رد أو ناقش منها ما يرى أنه يستحق الرد والمناقشة بل إمام الأشاعرة أبو الحسن الأشعري الذي يذكره الجويني غالباً بقوله: قال شيخنا أو ذهب شيخنا (¬1) ، ودافع عن كتابه " اللمع" فيما وجه إليه من المطاعن من قبل المعتزلة وغيرهم (¬2) ؛ لم يسلم من تضعيف أقواله، ومن الأشاعرة - بعد الأشعري - الذين نقل أقوالهم الجويني وناقش بعضها: الباقلاني (¬3) ، وأبو إسحاق الإسفراييني (¬4) ، وان فورك (¬5) ، ومن ثم فيلاحظ في منهج الجويني بهذا الخصوص ما يلي:
1 - إن الجويني ضعف التأويل المشهور - والمنسوب للأشعري - لبعض الصفات الفعلية مثل الاستواء والنزول والمجيء من أنه فعل فعله الله في العرش
¬_________
(¬1) انظر: - على سبيل المثال - الإرشاد (ص: 14) ، وغيرها، والشامل (ص: 149) ، والبرهان (1/135-274) .
(¬2) ذكر الجويني فصولاً في كتابه الشامل ذكر فيها المطاعن التي وجهت إلى اللمع للأشعري وأجاب عنها، انظر (ص: 245-287-338-342) .
(¬3) انظر: البرهان (1/89،101، 148-149، 218، 280، 287) ، والإرشاد (ص:407) ، والشامل (ص: 198، 211،221، 233،247، 274،294، 570) .وغيرها.
(¬4) انظر: البرهان (1/95، 100، 111، 170) ، والإرشاد (ص: 33، 333) ، والشامل (ص: 212، 267، 350، 433، 533، 624) ، والكافية في الجدل (ص: 307، 409) .
(¬5) انظر: البرهان (1/116) ، والشامل (ص: 212، 346، 543، 562) .