ثم ذكر الاعتراض الذي أورده في الإرشاد وأجاب عنه بمثل ما أجاب به هناك (¬1) ، ثم ذكر القول الآخر أنه بمعنى القصد والإرادة، وقول الأشعري أنه فعل في العرش واستبعده (¬2) ، أما في لمع الأدلة - المختصر في العقائد - فلم يذكر سوى التأويل: حيث قال: " المراد بالاستواء القهر والغلبة والعلو، ومنه قول العرب: استوى فلان على المملكة - أي استعلى عليها واطردت له " ومنه قول الشاعر:
"قد استوى بشر ... ." (¬3) ، وفي النظامية - وهي من آخر مؤلفاته - قطع بتنزيه الله عن الاختصاص ببعض الجهات (¬4) ، ثم ذكر أن مذهب السلف إجرؤها على ظاهر دون تأويل، وهو ما رجحه (¬5) .
هذه خلاصة أقوال الجويني في الاستواء، ومنه يتبين أن ما اختاره في لمع الأدلة وقال بجواز القول به في الإرشاد والشامل هو قول المعتزلة (¬6) ، الذي رده شيوخ الجويني، كابن كلاب والأشعري والباقلاني والبيهقي وغيرهم، وبذلك يصبح الجويني أول من ارتضى هذا التأويل الاعتزالي المشهور.
أما الصفات الخبرية فقسمان: ما عدا صفة الوجه والعين واليدين، فقد تأوّله غالب الأشاعرة ومنهم أبو الحسن الطبري، والبغدادي والبيهقي وغيرهم ومشى على طريقتهم الجويني (¬7) ، وذلك مثل صفة القدم، والساق، والأصابع
¬_________
(¬1) انظر: الشامل (ص: 553) .
(¬2) انظر: المصدر السابق (ص: 554-556) .
(¬3) لمع الأدلة (ص: 95) .
(¬4) انظر: النظامية (ص: 21) .
(¬5) انظر: المصدر نفسه (ص: 32-34) .
(¬6) انظر: مثلاً كلامهم حول الاستواء وتأويله، وشواهدهم في ذلك: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار الهمذاني (ص: 226-227) .
(¬7) انظر: مثلاً تأويل الجويني للقدم الشامل (ص: 562) ، والإرشاد (ص: 162) ، والأصابع الشامل (ص: 564) ، والساق الإرشاد (ص: 159) .