كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

لا يتوقف على دليل حدوث الأعراض، ولكنه لما أخذ يرد على الكرامية في مسألة القول بأن الله جسم قال: " وسبيل الكلام أن يسألوا عن دلالة حدث العالم، فإن ترددوا فيها، ولم يستقلوا بإيرادها بأن عجزهم عن قاعدة الدين، وأصل المعارف، فإن السبيل الذي به تتوصل إلى معرفة المحدث ثبوت الحدث، وإن راموا ذكر الدلالة على حدث الأجسام، لم يطردوا دلالة إلا تقرر عليهم مثلها في الجسم الذي حكموا بقدمه" (¬1) ، ومن أصول أدلة حدوث العالم عند الجويني أن الجواهر لا تخلو من الأعراض (¬2) .
فالجويني في رده على الكرامية سد طرق إثبات حدث العالم إلا بطريق حدوث العالم إلا بطريق حدوث الأجسام والأعراض، وهو هناك في رده على خصوم الأشعري يصرح بأنه لا يتوقف إثبات حدوث الجواهر على حدوث الأعراض؟.
وقد رجح الجويني في إثبات الصانع إدعاء الضرورة في أن هذا العالم لابد له من خالق دون الدخول في طرائق الاستدلال، يقول الجويني بعد كلام ومناقشات حول ما ذكره الأشعري من أدلة إثبات الصانع وأن هذا الكون لابد له من خالق كما أن البناء لا بد له من بانٍ والكتابة لا بد لها من كاتب: " قال عبد الملك بن عبد الله: أسد الطرق اعندي في المسألة ادعاء الضرورة، ومن لم يسلك هذا المسلك أولاً اضطرته الحاجة إلى سلوكه أخرا " (¬3) ، وهذا الذي يدعي فيه الجويني الضرورة كتب حول الاستدلال له كلاماً طويلاً (¬4) .
2- حيرته في مسألة هل المعدوم مأمور؟ وقد تقدم كلامه في ذلك حين قال: وهذا مما نستخبر الله تعالى فيه.
3- في مسألة قدرة العبد ذكر في الشامل والإرشاد ولمع الأدلة (¬5) ، أنه لا تأثير لها كما هو مذهب جمهور الأشاعرة ثم رجع في النظامية إلى أن لها تأثير (¬6) .
4- ومن الأمور المهمة رجوعه في نظرته إلى السلف، فإنه قال في كتابه - الكافية في الجدل - في الجواب عن الاعتراض الذي يقول: إن السلف لم يستخدموا بعض أنواع القياس في الرد على الخصم - فقال بعد ذكر عدة أجوبة: " وأيضاً فإنهم [أي السلف] لما علموا أنه قد يكون بعدهم من لعل الله سبحانه يخصه بجودة قريحة، وزيادة فهم، وفطنة وذكاء ... لم يطولوا واقتصروا على النبذة والإشارة" (¬7) ،فهذه عبارات توحي بتجهيل وسلبية للسلف، لكنه يقول عنهم في الغياثي - الذي ألفه بعد النظامية - فهو في آخر كتبه (¬8) ، موصياً مغيث الدولة الذي هو نظام الملك - قائلاً: " والذي أذكره لائقاً بمقصود
¬_________
(¬1) انظر: الشامل (ص: 411) .
(¬2) انظر: المصدر السابق (ص: 204، 209، 220) .
(¬3) المصدر السابق (ص: 282-283) .
(¬4) انظر: الشامل (ص: 123-342) .
(¬5) انظر: الشامل (ص: 182) ، والإرشاد (ص: 208) ، ولمع الأدلة (ص: 107) .
(¬6) انظر: النظامية (ص: 43-51) .
(¬7) الكافية في الجدل (ص: 346-347) .
(¬8) أحال الجويني في الغياثي (ص: 190) على النظامي.

الصفحة 618