القاطع في ذلك: أن إجماع الأمة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة.
وقد درج أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها، وهم صفوة الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة.." (¬1) ، ورجوع الجويني في النظامية لم يكن رجوعاً كاملاً إلى مذهب السلف في جميع المسائل العقيدة وعلم الكلام، والدليل على ذلك:
1 - أن رجوعه بالنسبة للصفات كان إلى التفويض، وليس هذا مذهب السلف.
2- أن الجويني أبقى على بعض المسائل وعرضها كما هي في مذهب الأول ومنها مسألة حدوث الأجسام (¬2) ، وكلام الله (¬3) ، ومنع حلول الحوادث التي هي مسألة الصفات الاختيارية (¬4) ، والرؤية بلا مقابلة (¬5) ، كما أنه أوّل بعض الصفات مثل المحبة أوّلها بالإرادة (¬6) ، وفي الإيمان ذكر أولاً أنه التصديق (¬7) ، ثم ذكر عند الكلام على زيادة الإيمان ونقصانه قول السلف: إنه معرفة بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان، وقال: " هذا غير بعيد في التسمية " (¬8) ، لكنه ذكر بعده القول الآخر؛ إنه التصديق، ولم يرجح بينهما.
* ... * ... *
هذا هو الجويني في أحواله وأقواله، ومما سبق يتبين كيف خطا بالمذهب الأشعري نحو الاعتزال، والتأصيل الكلامي.
¬_________
(¬1) النظامية (ص: 32-33) .
(¬2) النظامية (ص: 16) ، وما بعدها.
(¬3) المصدر السابق (ص: 27-30) .
(¬4) المصدر نفسه (ص: 27) .
(¬5) نفسه (ص: 39) .
(¬6) نفسه (ص: 61) .
(¬7) نفسه (ص: 85) .
(¬8) نفسه (ص: 90) .