الجائزات من ذلك كله إن لم يمكن اجتماعها في التأويل، ولا تخرج في ذلك عن منهاج العلماء، فقد اهتدى من اقتدى، ولن يأت أحد بأحسن مما أتى به من سبق أبداً " (¬1) ، وما منهجه في كتابه " قانون التأويل " وغيره (¬2) إلا أكبر دليل على أشعريته.
وابن العربي - مع أشعريته - تميز بأمور:
1- منها حياته الخاصة وجهوده الكبيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى جرى له لما تولى القضاء أمور كثيرة سببت عداء كثير من الناس له (¬3) .
2- تحقيقات أصولية وحديثية وفقهية أودعها كتبه المختلفة في الحديث والتفسير والأصول.
3- دوره العظيم في الدفاع عن الصحابة وما جرى بينهم، والرد على مختلف الطوائف المنحرفة عن مذهب السلف في هذا الباب، وقد جاء ذلك في قسم من كتابه العواصم من القواصم (¬4) .
أما الشهرستاني (¬5) فقد اشتهر بكتابيه الملل والنحل ونهاية الإقدام، كما كانت له ردود على الفلاسفة في كتابه " مصارعة الفلاسفة " وأكثر ما يميز مذهبه ومنهجه:
¬_________
(¬1) قانون التأويل (ص: 576) ، ويقول أيضاً في عارضة الأحوذي (11/49) - عن المحكم والمتشابه في القرآن -: " خذوا معنى اللفظ عربية واعرضوه على أدلة العقول إن كان توحيداً فما جاز ظاهره عليه نفذ وما امتنع عدل به عنه إلى أقرب وجوهه إليه ".
(¬2) انظر حول قانون التأويل الذي اعتمده العواصم (ص: 152-311) ، وانظر: حول أشعريته وموقفه من الصفات (العواصم ص: 281) وما بعدها.
(¬3) انظر: العواصم (ص: 400) ، والبيان المغرب لابن عذاري (4/92-94) ، والصلة (2/591) ، وأزهار الرياض (3/63) وقانون التأويل - الدراسة - (ص: 91-95) ، ومع القاضي أبو بكر بن العربي، سعيد إعراب (ص: 81-88) .
(¬4) العواصم - ط عمار طالبي - (ص: 373) ، وما بعدها، وقد حقق هذا القسم وعلق عليه وطبعه مستقلاً محب الدين الخطيب.
(¬5) هو: محمد بن عبد الكريم بن أحمد، أبو الفتح الشهرستاني، تتلمذ على أبي نصر القشيري وأبي القاسم الأنصاري، ولد الشهرستاني سنة 469هـ، وتوفي سنة 548هـ، وقد اتهم بالإلحاد والتشيع، ذكر ذلك السمعاني في التحبير (2/161) ، وصاحب معجم البلدان - نقلاً عن ابن أرسلان الخوارزمي (3/377) ، ودافع عنه السبكي.
وشهرستان التي ينسب إليها هي في خراسان بين نيسابور وخوارزم، انظر: وفيات الأعيان (4/274) ومعجم البلدان، وانظر في ترجمته أيضاً: لسان الميزان (5/263) ، وطبقات السبكي (6/128) ، وسير أعلام النبلاء (20/286) ، ومقدمة مصارعة الفلاسفة (ص: 9) ، وما بعدها.