كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

النصيبي (¬1) المالكي أن شيخه الإمام الفاضل سراج الدين المغربي السرمساحي (¬2) ،
المالكي صنف كتاب المآخذ على مفاتيح الغيب، وبين ما فيه من البهرج والزيف في نحو مجلدين، وكان ينقم عليه كثيراً، خصوصاً إيراده شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من القوة وإيراد جواب أهل الحق منها على غاية ما يكون من الوحي (¬3) ، ولعمري إن هذا لدأبه في غالب كتبه الكلامية والحكمية، كالأربعين، والمحصل، والنهاية، والمعالم، والمباحث المشرقية، ونحوها، وبعض الناس يتهمه في هذا وينسبه إلى أنه ينصر بهذا الطريق ما يعتقده ولا يجسر على التصريح به، ولعمري إن هذا ممكن، لكنه خلاف ظاهر حاله، فإنه ما كان يخاف من قول يذهب إليه، أو اختيار ينصره، ولهذا تناقضت آراؤه في سائر كتبه، وإنما سببه عندي، أنه كان شديد الاشتياق إلى الوقوف على الحق كما صرح به في وصيته التي أملاها عند موته، فلهذا كان يستفرغ وسعه ويكد قريحته في تقرير شبه الخصوم، حتى لا يبقى لهم بعد ذلك مقال، فتضعف قريحته عن جوابها على الوجه، لاستفراغه قوتها في تقرير الشبه ... " (¬4) ، وقال الذهبي عنه - وقد ترجم له في الميزان في حرف الفاء باسم الفخر -: " رأس في الذكاء والعقليات لكنه عرى عن الآثار، وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الحيرة نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا، وله كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم، سحر صريح، فلعله تاب من تأليفه إن شاء الله تعالى " (¬5) .
أما الشهرزوري المتوفى سنة 387هـ، تقريباً - فقد نقده نقداً لاذعاً - من منطلق فلسفي إشراقي (¬6) وقال عنه " له مصنفات في أكثر العلوم
¬_________
(¬1) في الإكسير اليصني، وما أثبته من لسان الميزان (4/428) .
(¬2) في لسان الميزان: السرمياحي..
(¬3) في الإكسير: الدهاء، وهو خطأ والتصويب من لسان الميزان.
(¬4) الإكسير في علم التفسير (ص:26) ، ونقله ملخصاً ابن حجر في لسان الميزان (4/427-428) .
(¬5) ميزان الاعتدال (3/340) .
(¬6) الفلسفة الإشراقية تجمع بين الفلسفة والتصوف، وكان على رأسها السهروردي المقتول سنة 587هـ، وأشهر كتبه كتابه حكمة الأشراف الذي شرحه الشهرزوري - محمد بن محمود- انظر في نشأة فلسفة الإشراق وترجمة الشهرزوري، مقدمة تحقيق نزهة الأرواح (ج- 1ص: د- كز) وأصول الفلسفة الإشراقية، محمد على أبو ريان، والأعلام للزركلي (7/87) .

الصفحة 656