كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

5- ولما كان نقض أقوال الفلاسفة إنما يستقيم على مذهب أهل السنة والجماعة الذين يثبتون لله الصفات الاختيارية، أو ما يسمى بحلول الحوادث (¬1) ، لا على مذهب نفاتها، ذكر شيخ الإسلام أدلة السمع على أفعال الله وصفاته الاختيارية، ونقل الخلاف في هذه المسألة (¬2) ، ثم نقل أقوال علماء الإسلام في إثباتها (¬3) . ثم ذكر ذلك مفصلة من الكتاب والسنة (¬4) . والعقل (¬5) .
وقد أعقب الأدلة السمعية بذكر أدلة النفاة للصفات الاختيارية، وناقشها (¬6) . كما ربطها بمسألة كلام الله (¬7) .
وبهذا يتبين الرد على الفلاسفة في قولهم: إن الترجيح بلا مرجح ممتنع، وإن هذه إنما ترد على نفاة صفات الأفعال الاختيارية لله تعالى، أما على مذهب أهل السنة المثبتين لها فلا ترد.
6- أما شبهة التسلسل، فقد بين بطلان قول الفلاسفة فيها على كل تقدير (¬8) ، لكنه فرق بين نوعين من التسلسل:
أحدهما: التسلسل في الفاعلين، فهذا ممتنع بلا ريب لأن المخلوقات لو فرض التسلسل فيها لابد أن تنتهي إلى الخالق الواحد.
والثاني: التسلسل في الآثار، فهذا يفرق فيه بين النوع والعين، فالعين التسلسل فيه ممتنع، أما النوع فلا مانع منه وهو قول أهل السنة والحديث الذين يقولون: إن الله لم يزل فاعلاً وإنه يتكلم إذا شاء.
¬_________
(¬1) ذكر شيخ الإسلام في درء التعارض (2/239) ، أن أهل السنة لا يطلقون عبارة: حلول الحوادث، ومعلوم أن المتكلمين يقصدون بها الصفات الاختيارية.
(¬2) انظر: درء التعارض (2/18-20) .
(¬3) انظر: درء التعارض (2/20-115) .
(¬4) انظر: المصدر السابق (2/115-147) .
(¬5) انظر: المصدر نفسه (2/220) ، وما بعدها.
(¬6) انظر: المصدر نفسه (2/156) ، وما بعدها (2/342) ، وما بعدها (4/3) ، وما بعدها.
(¬7) انظر: المصدر نفسه (2/244) .
(¬8) انظر: المصدر نفسه (1/339) ، وما بعدها (2/282-288) .

الصفحة 857