كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

في الجواب: " إنا نعلم بالضرورة إجماع الأمة على أن دينه عليه السلام هو القول بحدوث العالم، وإثبات العلم بالجزئيات وإثبات الحشر والنشر، وأن إنكار هذه الأشياء مخالف لدينه، ثم علمنا بالضرورة أنه عليه السلام كان يحكم أن كل ما خالف دينه فهو يكفر.. فالحاصل أنا لا نكفرهم لأجل مخالفتهم للظواهر، بل للإجماع على الوجه المذكور، ومثله غير حاص على الاختلاف الحاصل بين الأمة " (¬1) ،
أي في موضوع الصفات، فالرازي أحال على الضرورة والإجماع، وهذا صحيح، لكنه عجز عن جوابهم بنصوص الوحي مع اعتراضهم عليه بتأويله لنصوص الصفات.
وفي الأربعين ذكر اعتراض هؤلاء الملاحدة بقوله: " ثم إن المتكلمين سلطوا التأويلات على تلك الظواهر وزعموا أن المبدأ منزه عن الأحوال الجسمانية فكذا المعاد المذكور في الكتب الإلهية فلم لا يسلطون التأويلات عليها، ولم ينكرون أن يكون ذلك المعاد مبرأ عن الأحوال الجسمانية.."، ثم قال في الجواب: " إن التأويلات إنما يصار إليها لو كان الاحتمال قائماً، ولما علمنا بالنقل المتواتر المستفيض من دين محمد عليه السلام أنه إنما كان مثبتاً للمعاد الجسماني ومكفراً لكل من كان منكراً له لم يبقَ في هذا الباب مجال " (¬2) . فأحال على النقل المتواتر ومعلوم أن نصوص الصفات والعلو أيضاً معلومة بالنقل المتواتر، فما الفرق؟
وقد سبق ذكر أن الغزالي أحال على أدلة العقول وأنها تقتضي تأويل بعض آيات الصفات دون نصوص المعاد، وهذا هو جواب المعتزلة والمائلين إلى مذهبهم من الزيدية في درودهم على الباطنية، فقد قال يحيى بن حمزة العلوي (¬3)
¬_________
(¬1) هذا النص ساقط من نسخة نهاية العقول التي بين يدي، مع أن الكلام في الصفحة المقابلة مستمر، لكن الموضوع مختلف - وقد أكملته من نقض التأسيس - المطبوع - (1/225-226) ..
(¬2) الأربعين للرازي (ص: 293) .
(¬3) هو المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم، العلوي، ولد في مدينة صنعاء سنة 669هـ، ودعا إلى نفسه بعد موت الإمام محمد بن المطهر سنة 729هـ، وله مؤلفات عديدة وهو من علماء الزيدية الكبار، توفي في ذمار باليمن سنة 745هـ، انظر: البدر الطالع (2/331) ، والأعلام (8/143) ، ومعجم المؤلفين (13/195) .

الصفحة 905