كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

وباطناً، وأن الشريعة قسمان: ظاهر مؤول، فالظاهر فرض الجمهور والمؤول فرض العلماء، وقد نص على ذلك في بعض كتبه (¬1) ، ولم يجل التأول خاصاً في بعض صفات الله كما فعل الأشاعرة، بل جعله عاماً في الصفات والمعاد والجنة والنار وغيرها، واشترط أن يقوم بهذا التأويل العلماء أو من يسميهم أهل البرهان وهم الحكماء الفلاسفة عنده، أما الجمهور والعامة فالتأويل عليهم حرام، والإفصاح لهم بحقائق التأويل الفلسفية لا يجوز (¬2) ، يقول: "وهاهنا أيضاً ظاهر يجب على أهل البرهان تأويله، وحملهم إياه على ظاهره كفر، وتأويل غير أهل البرهان له وإخراجه عن ظاهره كفر في حقهم أو بدعة، ومن هذا الصنف آية الاستواء وحديث النزول ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في السوداء إذا أخبرته أن الله في السماء: أعتقها فإنها مؤمنة" (¬3) ، إذ كانت ليست من أهل البرهان" (¬4) . ولذلك فخطأ الأشاعرة الذي وقعوا فيه - عند ابن رشد - هو أنهم صرحوا بهذا التأويل للجمهور، فلو أنهم حجبوه عنهم وصرحوا به لأنفسهم ولمن كان من أهل الحكمة والبرهان لكان موقفهم سليماً كما يرى الحفيد.
¬_________
(¬1) انظر: فصل المقال (ص: 44-46) ، - ت عمارة، وتهافت التهافت (2/550-551) ، - ت سليمان دنيا، والكشف عن مناهج الأدلة (ص: 40) ، ضمن فلسفة ابن رشد.
(¬2) انظر: تهافت التهافت (2/557-558) .
(¬3) سبق تخريجه (ص: 565) . والحديث رواه مسلم.
(¬4) فصل المقال (ص: 48) .

الصفحة 908