كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

فإنها تكون من أعظم البيان والحجة على فساد ما خالف فيه الأشاعرة مذهب أهل السنة والجماعة، خاصة وأن المعتزلة اشتهروا بمخالفة مذهب السلف، بل إن بعض أئمة أهل السنة كفروهم.
2- وإذا كان ما سبق فيه بيان تطاول المعتزلة على الأشاعرة، فإن غلاة الصوفية والفلاسفة والقرامطة تسلطوا على الفريقين جميعاً، يقول شيخ الإسلام في معرض فضحه لعقائد غلاة الصوفية كابن عربي وابن سبعين، وبيانه لما كان بينهم وبين القرامطة الباطنية من اتصال (¬1) ، يقول عن ابن سبعين: "وهو وابن عربي وأمثالهما في ترتيب دعوتهم من جنس ملاحدة الشيعة الباطنية" (¬2) ، ثم يقول عن ملاحدة الصوفية والباطنية: "وقوى ضلالهم أمور: منها اعتقادهم أن ما جاءت به الرسل باطناً يناقض ظاهره، ومن أسباب ذلك ما حصل لهم من الحيرة والاضطراب في فهم ما جاءت به الرسل. ومنها: أنهم رأوا الطريق التي سلكها المتكلمون لا تفيد علماً، بل هي إما سفسطة وجدل بالباطل عند من عرفه، وإما جدل يفيد المغالبة عند من لم يعرف حقيقته، وذلك أن هؤلاء سلكوا في الكلام طريقة صاحب الإرشاد" (¬3) ونحوه، وهي مأخوذة في الأصل عن المعتزلة نفاة الصفات، وعليها بنى هؤلاء وهؤلاء أصل دينهم، وجعلوا صحة دين الإسلام موقوفاً عليها" (¬4) ،
وهذا هو دليل حدوث الأجسام المشهور، يقول شيخ الإسلام بعد ذلك مبيناً كيف استطال هؤلاء على المتكلمين: " فجاء هؤلاء المتفلسفة لما رأوا هذه عمدة هؤلاء المتكلمين في إثبات حدوث العالم وإثبات الصانع، وتفطنوا لموضع المنع فيها وهو قولهم: يمتنع دوام الحوادث قالوا: هذه الطريقة تستلزم كون الصانع كان معطلاً عن الكلام والفعل دائماً إلى أن أحدث كلاماً وفعلاً بلا سبب أصلاً، قالوا: وهذا مما يعلم بطلانه بصريح العقل قالوا: وليس معكم من نصوص الأنبياء ما يوافق هذا، وأما إخبار الله أنه خلق السموات
¬_________
(¬1) انظر: الصفدية (1/265-272) .
(¬2) انظر: المصدر السابق (1/272) .
(¬3) وهو أبو المعالي الجويني.
(¬4) الصفدية (1/273/274) ..

الصفحة 913