كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

3- وأخطر الموضوعات التي أشار فيها شيخ الإسلام إلى تطاول الفلاسفة والباطنية على المتكلمين موضوع الصفات والقدر وأنه إذا جاز لهم تأويلها أو بعضها، فلم لا يجوز تأويل نصوص المعاد، والعبادات، وقد ناقش شيخ الإسلام هذه المسألة في اثنين من أهم كتبه التي أفردها في الرد على الأشاعرة وهما نقض التأسيس ودرء تعارض العقل والنقل؛ إضافة إلى الإشارات المتعددة في مختلف كتبه.
أما نقض التأسيس: فقد ذكر فيه أسباب تسلط هؤلاء الفلاسفة على المتكلمين ثم نقل كلام الرازي في نهاية العقول - الذي سبق نقله - ثم قال معلقاً على جواب بأنا نعلم المعاد ضرورة: "فلينظر العاقل في هذا الجواب حيث قال لهم هؤلاء المتكلمون: نحن نعلم الأخبار بمعاد الأبدان أن الرسل أخبرت به بالضرورة، فلم يجعلوا مستند العلم بذلك دلالة القرآن والحديث والإجماع عليه؛ لأنهم [أي الفلاسفة] عارضوهم بمثل ذلك وبأبلغ منه في أمر الصفات والقدر، فعدلوا إلى ما ذكروه من أنا نعلم بالاضطرار إخبارهم بالمعاد الجسماني. فإن هذا الذي قالوه صحيح وحجة صحيحة على إثبات المعاد البدني، لكن قصروا في عدم الاحتجاج على ذلك في القرآن وبالأخبار وإجماع السلف" (¬1) ، ثم بين شيخ الإسلام أن السلف رحمهم الله تعالى لم يفرقوا بين الصفات والقدر بالضرورة، وقول بعضهم: إنه لم يقل أحد إن هذا معلوم بالضرورة في دينهم، ليس كذلك؛ بل أهل الحديث وغيرهم يعلمون ذلك من دينهم ضرورة، وكلا الطائفتين مخالف للفطرة العقلية ومخالف لما نعلم نحن بالضرورة من دين الرسول، ومخالف للأقيسة العقلية البرهانية، والنصوص الإلهية القرآنية والإيمانية" (¬2) .
وقد نقل شيخ الإسلام كلام ابن رشد في فصل المقال (¬3) ، وجعله معاد
¬_________
(¬1) نقض التأسيس - المطبوع - (1/223-224) .
(¬2) المصدر السابق - المطبوع - (1/224) .
(¬3) انظر: المصدر السابق - المطبوع - (1/226-237) .

الصفحة 916