كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 2)

إذا احتججت على من ينفي ما تثبته بالنصوص، كإثبات القدر - إن كنت من المثبتين له - أو إثبات الجنة والنار وما فيهما من الأكل والشرب ونحو ذلك - إن كنت من المثبتين لهـ إذا قال لك منازعك: هذه الظواهر التي احتججت بها قد عارضشها دلائل عقلية وجب تقديمها عليها. فما كان جوابك لهؤلاء كان جواب أهل الإثبات لك.
فإن قلت: ما أثبته معلوم بالاضطرار من الدين.
قال لك: أهل الإثبات للعلو: وهذا معلوم لنا بالاضطرار من الدين.
فإن قلت: أنا لا أسلم هذا لكم.
قالوا لك: ومن نازعك من القرامطة أو الفلاسفة أو المعتزلة لا يسلم لك ما ادعيته من الضرورة " (¬1) .
ويستمر في هذا الحوار العديب الذي قال فيه شيخ الإسلام: " واعلم أنهل يلس من أهل الأرض إلا من يمكن مخاطبته بهذه الطريق " (¬2) .
وهذا الباب الذي أبدع شيخ الإسلام في أسلوب عرضه، واستخدامه في الرد على الأشاعرة وغيرهم يفسر - مع غيره من الأوجه - ذلك العداء الشديد والحقد المتراكم عليه في حياته وبعد مماته من جانب أعداد كبيرة من أهل الأهواء أو من أتباعهم المقلدين لهم.
لقك كان شيخ الإسلام -رحمه الله- علماً شامخاً وما استطاع معارضوه أن يجادلوا حجته بالحجة، وإنما لجأؤا إلى الأساليب الملتوية من التشهير وتحريف الكلام مما قد ينع العامة، ولكنه لا يثبت أمام الحجاج بالشرع والعقل.
¬_________
(¬1) درء التعارض (7/ 134-135) .
(¬2) المصدر السابق (7/136) ، وانظر: بقية الحوار مع ردود ومناقشات أخرى إلى (ص: 140) ، من هذا الجزء، وانظر أيضاً: حول موضوع الاسطالة: الدرء (8/241-242) ، ومنهاج السنة (2/112) - المحققة - والتسعينية (ص: 261) وغيرها.

الصفحة 921