كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

وإن اشتركت في هذا القول فهي مختلفة لا متماثلة، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- " الحلال بين، والحرام بين، وبين ذلك أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس " (1) ، فدل على أنه يعلمها بعض الناس، وهي في نفس الأمر ليست متماثلة، بل بعضها حرام، وبعضها حلال " (2) . وهذا الذي رجحه شيخ الإسلام من أن هناك فرقا بين التشبيه والتمثيل، وأنه يجوز أن يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه كثيرا ما يقرره في كتبه، ويذكر له بعض الأدلة (3) ، ويذكر أن لفظ التماثل أخص من لفظ التشابه وذلك في معرض رده على الرازي حول تعريف المتشابه (4) ، ويرى أن سبب اضطراب أهل الكلام في مسألة الصفات ما يثبت منها وما ينفي، مرجعه إلى أنهم جعلوا مسمى التشبيه والتمثيل واحدا (5) .
8- أن التشبيه على قول بعض المتكلمين: إن التشبيه هو التمثيل، ثم تعريفهم للمتماثلين بأنهما: " ماسد أحدهما مسد صاحبه، وقام مقامه، وناب منابه" (6) ، وقد يفسرونه بأنه " يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، ويجب له ما يجب له" (7) ، التشبيه بهذا المعنى لا يقول به عاقل، لأنه يعلم بضرورة العقل امتناعه (8) ، ولأن " كل موجودين فلابد أن يكون بينهما نوع مشابهة، ولو من بعض الوجوه البعيدة، ورفع ذلك من كل وجه رفع للوجود " (9) . وفي موضع آخر يعلل شيخ الإسلام الفرق بقوله:
__________
(1) متفق عليه، البخارى: كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، ورقمه 52 (الفتح 1/126) ، وفي البيوع، باب الحلال بين والحرام بين ورقمه 2051 (الفتح 4/290) . ومسلم كتاب
المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ورقمه 1599.
(2) الجواب الصحيح (2/233-234) .
(3) انظر: الرسالة الاكملية- مجمرع الفتاوى- (6/113) .
(4) انظر: نقض التأسيس- مخطوط- (1/261) .
(5) انظر: درء التعارض (5/188) .
(6) نقض التأسيس- مطبوع- (1/476) .
(7) التدمرية (ص: 116) - ت السعوي.
(8) انظر: المصدر السابق (ص: 117) .
(9) نقض التأسيس- مخطوط- 2/82) .

الصفحة 960